فلا يُبنيان مما لا فعل له. كالصخر والحمار ونحوهما. وشذّ قولهم. "ما أرجله! " فقد بنوه من الرجولية ولا فعلَ لها، ولا من غير الثلاثي المجرد. وشذّ قولهم، ما اعطاه للدراهم، وما أولاه للمعروف! "، بنوهما من "أعطى وأولى" وهما رباعيا الأحرف. وقولهم "ما اتقاه! وما املاء القربة! وما اخصره! " بنوها من (اتقى وامتلاء واختُصر) ، وهي خماسية الأحرف، وفي اختصر (بالبناء للمجهول) شذوذ وهو انه فعل مجهول. وكذلك لا يبنيان من فعل منفي، خشية التباس النفي بالاثبات، ولا من فعل مجهول، خشية التباس الفاعلية بالمفعولية. لأنك ان بنيته من (نُصر) المجهول، فقلت (ما انصره!) التمس الأمر على السامع، فلا يدري أتتعجب من نصره أم من منصوريته. فان أمن اللبس بأن كان الفعل مما لا يرد إلا مجهولا، نحو (زُهِي علينا، وعُنيت بالأمر) جاز التعجب به على الأصح، فتقول (ما أزهاه علينا وما أعناه بالأمر!) ولا يبنيان من فعل ناقص. ككان وأخواتها، وكاد واخواتها. وأما قولهم "ما أصبح أبرَدَها! وما أمسى أدفأها! " ففعل التعجب إنما هو أبرد وادفأ" وأصبح وأمسى زائدتان، كما تزاد (كان) بين (ما) وفعل التعجب، كما سيأتي. غير أن زيادتهما نادرة، وزيادتها كثيرة، ولا يبنيان مما لا يقبل المفاضلة. كمات وفني، إلا أن يراد بمات معنى البلادة، فيجوز نحو "ما أمْوت قلبه! ". ولا مما تأتي الصفة المشبهة منه على وزن (أفعلَ) كأحمرَ واعرجَ واكْحل واشيب وشذ قولهم (ما اهوجه، وما احمقه وما ارعنه! لأن الصفة منها هي اهوج واحمق وارعن) .
وإذا أردتَ صوْغَ فِعلي التعجب مما لم يستوف الشروط، أتيت بمصدره منصوبا بعد "أشدّ" أو "أكثر" ونحوهما، ومجروراً بالباءِ الزائدة بعد