للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالهمزةُ للصَّيرورة، كما قالوا أغدَّ البعير"، أي صار ذا غُدَّةٍ. ثم أُخرِجَ عن لفظ الخبر إلى لفظ الأمر، لإفادة التعجُّب، كما أُخرِجَ الأمر بمعنى الدعاءِ عن لفظه إلى لفظ الخبر في قولهم "رحمه الله، ويرحمك الله".

والباء هنا زائدة في الفاعل، كما في "كفى بالله شهيداً". وذلك أنه لما غُيِّرتْ صورة الماضي إلى الأمر، لارادة التعجب، قَبُحَ إسنادُ صيغة الأمر إلى الإسم الظاهر إسناداً صريحاً، فزيدت الباءُ في "أكرمْ" زيادةً مُلتزمة، ليكون على صورة المفعول به المجرور بحرف الجر الزائد لفظاً، كما في قوله تعالى "ولا تُلقوا بأيدكم إلى التَّهلكة" وزيادتُها هنا بخلافها في فاعل "كفى" فهي غيرُ مُلتزمةٍ فيه، فيجوز حذفها، كما قال الشاعر [من الطويل]

عُمَيْرَةً ودِّعْ، إِنْ تَجَهَّزْتَ عاديا ... كفى الشَّيْبُ والإِسلامُ لِلمَرْءِ ناهيا

(وأما اعراب "اقبح بالجهل، فأقبح فعل ماض، جاء على صيغة الأمر، لإنشاء التعجب. وهو مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره السكون الذي اقتضته صيغة الأمر، والباء حرف جر زائد، والجاهل فاعل (أقبح) وهو مجرور لفظاً بالباء الزائدة، مرفوع محلا لأنه فاعل.

وقال الزمخشري في (المفصل) في قولهم "اكرم بزيد" "إِنه أمر لكل احد بأن يجعل زيداً كريماً"، اي بأن يصفه بالكرم والباء مزيدة - مثلها في قوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} للتأكيد والاختصاص او هو أمر بأن يصيره ذا كرم والباء للتعدية هذا اصله ثم جرى مجرى المثل فلم يغير عن لفظ الواحد في قولك يا رجلان اكرم بزيد ويا رجال اكرم بزيد) أهـ.

فعلى هذا فمجرور الباء في موضع المفعول به لأنه في موضع الفاعل

<<  <  ج: ص:  >  >>