العلماء ولا تقعُ إلاّ في صدر الكلامِ، ويجوز حذفُ مُميّزها، إن دلَّ عليه دليلٌ، نحو "كم عَصَيتَ أمري! "، أي "كم مَرَّةٍ عصيتَهُ! ".
وحكمُ مُميّزها أن يكونَ مفرداً، نكرةً، مجروراً بالإضافةِ إليها أو بِمن، نحو "كم علمٍ قرأتُ! " ونحو "كم من كريم أكرمتُ! ". ويجوزُ أن يكون مجموعاً، نحو "كم عُلومٍ أعرِفُ! ". وإفرادُهُ أَولى.
ويجوزُ الفصلُ بينها وبينَ مُميّزها. فإن فُصِلَ بينهما وجبَ نصبُهُ على التَّمييز، لامتناعِ الإضافةِ معَ الفصلِ، نحو "كم عندكَ درهماً! "، ونحو "كم لك يا فتى فضلاً! " أو جرُّه بِمنْ ظاهرةً، نحو "كم عندكَ من درهم! ". ونحو "كم لك يا فتى من فضل! ". إلاّ إذا كان الفاصل فعلاً مُتعدّياً متسلّطاً على "كم"، فيجبُ جرُّهُ بمن، نحو "كم قَرأتُ من كتابٍ"، كيلا يلتبسَ بالمفعول به فيما لو قلت "كم قَرأتُ كتاباً".
(وذلك لأن الجملة الأولى تدل على كثرة الكتب التي قرأتها، والجملة الأخرى تدلّ على كثرة المرّات التي قرأت فيها كتاباً. فكم في الصورة الأولى في موضع نصب على أنها مفعول به مقدم لقرأت، وفي الصورة الأخرى في موضع نصب على أنها مفعول مطلق له. لأنها كناية عن المصدر، والتقدير كم قراءة قرأت كتاباً فيكون تمييزها محذوفاً) .
ويجوز في نحوِ "كم نالني منك معروفٌ! "، أن تَرفعَهُ على أنه فاعل "نالَ"، فيكون تمييزُ "كم" مقدَّراً، أي "كم مرَّةٍ! ". ويجوز أن تنصبَهُ على التمييز، فيكون فاعلُ "نال" ضميراً مستتراً يعود إلى "كم.
وحكمُ "كم" الخبريّةِ، في الإعراب، كحُكم "كم" الاستفهامية تماماً، والأمثلةُ لا تخفى.
واعلم أنَّ "كم" الاستفهاميةَ مو "كم" الخبريَّةَ، لا يَتقدَّمُ عليهما شيءٌ من