واعلم أنَّ من حروفِ الجرِّ ما لفظُهُ مُشترَكٌ بينَ الحرفيّةِ والاسميّة، وهو خمسةٌ "الكافُ وعن وعلى ومُذْ ومُنذُ". ومنها ما لفظُهُ مُشتركٌ بينَ الحرفيّة والفعليّةِ، وهو "خلا وعدا وحاشا". ومنها ما هو ملازم للحرفيّة، وهو ما بقي. وسيأتي بَيانُ ذلك في مواضعهِ.
وسُمّيت حروف الجرّ، لأنها تَجرُّ معنى الفعل قبلَها إلى الاسم بعدَها، أو لأنها تجرُّ ما بعدَها من الأسماءِ، أي تَخفِضُه. وتسمّى "حروفَ الخفض" أيضاً، لذلك. وتُسمّى أيضاً "حروف الإضافة"، لأنها تُضيفُ معانيَ الأفعال قبلها إلى الأسماء بعدها. وذلك أنَّ من الأفعال ما لا يَقوَى على الوصول إلى المفعول به، فَقوَّوه بهذه الحروف، نحو "عجبتُ من خالدٍ، ومررتُ بسعيدٍ". ولو قلتَ "عجبتُ خالداً. ومررتُ سعيداً"، لم يُجُز، لضعف الفعل اللازم وقُصورهِ عن الوصول إلى المفعول به، إلا أن يَستعينَ بحروف الإضافة.
وفي هذا المبحث تسعةُ مَباحث.
١- شرْحُ حُرُوفِ الجَرِّ
١- الباءُ
الباءُ لها ثلاثةَ عشرَ معنًى
١- الإلصاقُ وهو المعنى الأصليُّ لها. وهذا المعنى لا يُفارقُها في جميع معانيها. ولهذا اقتصرَ عليه سِيبويهِ.
والإلصاقُ إمّا حقيقيّ، نحو "أمسكتُ بيدِكَ. ومسحتُ رأسي بيدي"، وإمّا مجازيٌّ، نحو "مررتُ بدارِكَ، أو بكَ"، أي بمكانٍ يَقرُبُ منها أو منكَ.