للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلها. وهي التي تقعُ بعدَ ما يفيدُ حُباً أو بُغضاً من فعل تعجّبٍ أو اسمِ تفضيلٍ، كقوله تعالى "قال رب السّجنُ أحَب إليَّ مِمّا يدعونني إليه" [يوسف: ٣٣] ، أي أحبُّ عندي. فالمُتكلم هو المُحِبُّ. وقولِ الشاعر [من الكامل]

أَمْ لا سَبيلَ إلى الشَّباب، وذِكْرُهُ ... أَشهى إِلَيَّ مِنَ الرَّحيقِ السَّلْسَلِ

٤- حَتَّى

حتى للانتهاء كإلى، كقوله تعالى {سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر} . وقد يدخلُ ما بعدَها فيما قبلها، نحو "بَذَلتُ ما لي في سبيل أُمَّتي، حتى آخر دِرهمٍ عندي". وقد يكون غيرَ داخلٍ، كقوله تعالى {كلوا واشربوا حتى يَتبيّن لكمُ الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود من الفجر} ، فالصائم لا يُباحُ له الأكلُ متى بدا الفجر.

ويَزعُمُ بعضُ النحاةِ أنّ ما بعدَ "حتى" داخلٌ فيما قبلها على كل حال. ويَزعُمُ بعضهم أنه ليس بداخلٍ على كل حال. والحقُّ أنه يدخلُ، إن كان جزءًا مما قبلها، نحو "سِرتُ هذا النهارَ حتى العصرِ"، ومنه قولهم "أكلتُ السمكة حتى رأسِها". وإن لم يكن جزءًا ممّا قبلها لم يدخلْ، نحو "قرأتُ الليلةَ حتى الصَّباحِ" ومنه قولهُ تعالى {سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر} .

واعلم أن هذا الخلافَ إنما هو في "حتى" الخافضة. وأما "حتى"العاطفة، فلا خلاف في أن ما بعدَها يجبُ أن يدخلَ في حكم ما قبلها، كما ستعلم ذلك في مبحث أحرف العطف.

والفرق بينَ غلى وحتى أنَّ "إلى" تجرُّ ما كان أخراً لِما قبله، أو مُتّصلاً

<<  <  ج: ص:  >  >>