قلت "نعم الرجل"، فقلت مجيباً "زهير"، اي هو زهير. ولا يجوز ذكر هذا المبتدأ، لأنه احد المواضع التي يجب بها حذفه. كما ستعلم في الجزء الثاني من هذا الكتاب) .
وقد يُحذفُ المخصوصُ، إِذا دلَّ عليه دليل، كقوله تعالى "نِعْمَ العبدُ، إنه أَوَّابٌ"، أي نعم العبد أيوبُ. وقد عُلم من ذكره قبلُ. وقوله سبحانه {والأرض فرشاناها، فنعمَ الماهدون"، أي فنعم الماهدون نحنُ. ومنه قول الشاعر [من الرجز]
نِعْمَ الفَتى فَجعَتْ به إِخوانَهُ ... يومَ البَقيعِ حوادِثُ الأَيَّامِ
أي نِعْم الفتى فتى فجعتْ حوادث الأيام به إخوانَهُ يومَ البقيع. فجملةُ "فجعت" في موضع رفعِ صفةٍ لفتًى المحذوف، وهو المخصوصُ المحذوف.
ومن حق المخصوص أن يُجانس الفاعلَ. فإن جاء ليس من جنسه، كان في الكلام مجازٌ بالحذف، كأن تقول "نِعْمَ عَمَلاً زهيرٌ"، فالكلام على تقدير مُضافٍ نابَ فيه عنه المضافُ إليه، إذ التقديرُ "نِعمَ عملاً عملُ زهيرٍ"، ومنه قوله تعالى {ساء مثلاً القومُ الذين كذَّبوا بآياتنا} . والتقديرُ "ساء مَثلاً مثلُ القومِ".
ويجوز أن يُباشِرَ المخصوصَ، في هذا الباب، نَواسخُ المبتدأ والخبر، سواءٌ أتقدَّم المخصوصُ، نحو كان زهيرٌ نِعمَ الشاعرُ، ونحو قوله [من مجزوء الكامل]
إِنَّ ابنَ عَبدِ الله نِعْمَ ... أخُو النَّدَى وابنُ العشيرَهْ
أم تَأخرَ، نحو "نِعْم الرجلُ ظننتُ سعيداً"، ومنه قول زهير [من الطويل]