وقد تعاقب العلماءُ على التَّصنيف فيه ما بين مُطوَّلٍ ومُختصَرٍ، وما بين مَنثُورٍ ومَنظُومٍ، فمِن المُختصَرِ المَنثُورِ كتابُ جمالِ الدِّين أبي عَمرٍو عثمانَ بن عُمَر بن أبي بكر المعروف بابن الحَاجِبِ (ت ٦٤٦ هـ): «الشَّافِيَةُ فِي عِلْمِ التَّصْرِيفِ وَالخَطِّ»، ومن المَنظُومِ المُختصَرِ نَظْمُ أبي عبد اللَّه مُحمَّدِ بن عبد اللَّه ابن مالكٍ (ت ٦٧٢ هـ)؛ حيث نظمَ خلاصةَ ما جمعه الأقدمون من أوزانِ ومعاني كلمات لغةِ العرب، وجعلها تتمةً لألفيَّتِهِ في النَّحو فيما فاته من تصريف الأفعال، وذكر فيها الضَّوابطَ القياسيَّة وحصر ما شذَّ عن ذلك، بمنظومةٍ اشتهرت بـ «لَامِيَّةِ الأَفْعَالِ»؛ لأنَّها بُنيت على رَوِيِّ اللَّام، وأُضِيفت إلى الأفعال؛ تغليباً لها لا اختصاصاً بها، وحَوَتْ (١١٤) بيتاً من بَحْر البسيط.
وعُنِي العلماء بحفظِها ومُدارَسَتها وشرحها، ومن الشُّروح المَشْهُورة عليها: شرحُ ابنِ النَّاظم بدرِ الدِّين أبي عبد اللَّه مُحمَّدِ بن مُحمَّد ابن مالكٍ (ت ٦٨٦ هـ)، وشرحُ جمالِ الدِّين أبي عبد اللَّه مُحمَّدِ بنِ عمر الحميديِّ الشَّهير ببَحْرَق (ت ٩٣٠ هـ).
ولأهمَّيتِها حقَّقتُها ضِمْنَ المُتُون الإضافيَّة مِن سلسلةِ «مُتُونِ طَالِبِ العِلْمِ»، مُعتمِداً في ذلِكَ على نُسَخٍ خطِّيَّةٍ نفيسةٍ؛ لِتَظهرَ كما وَضَعها ناظِمُها.
وقد أثبتُّ في هذه النُّسخةِ حواشيَ التَّحقيقِ المُتضمِّنةَ لبيان فروق النُّسَخ والتَّعليق عليها، وعَزوِ المسائل، وشرحِ الغريب، وغير ذلك، وأفردتُ نسخةً أُخرى مجرَّدةً مِن جميع ذلك.