٢ - أنها وردت في كتب اختصرت تلك الكتب، إذ إنّ تاريخ الطبري -مثلاً- مصدر كل المؤرخين، فتجد الحادثة الواحدة تتكرر في أكثر من مصدر فيظن من لا يحسن البحث أنها تقوية للرواية والأمر ليس هكذا.
٣ - قد ترد في مصادر باطلة غير موثقة عند أهل العلم، كمروج الذهب للمسعودي، ومقاتل الطالبيين، والأغاني لأبي فرج الأصفهاني ففيهما أوابد وطامات.
٤ - قد تأتي حادثة ما بروايات عديدة، وبألفاظ مختلفة وفي كتب شتى، فتلفق الروايات الصحيحة بغيرها، وتدلس ألفاظ بعضها ببعض إما بقصد من رجل مبتدع مريض، أو لهوى سياسي وهكذا. أو بغير قصد فيقع في مثله عالم نحرير يخطئ في نسبتها أو تتداخل عليه الألفاظ، كما وقع للإمام الناقد المحقق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في نسبة قول (أهجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) إلى عمر - رضي الله عنه - (١)،والصحيح أنها لم تأت من طريق صحيح عنه ولم يذكرها أحد من رواة الأثر بسند معتبر. وما أظنها إلا سبق قلم- كما يقال-،والعصمة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.
٥ - وقد يأتي اسم أو كنية لرجل كذاب أو مبتدع موافقاً لإمام معتبر عند أهل العلم مشهور به، فيُنسب إليه قول مستنكر يظنه بعض الناس ممن لا يميزه أنه قول لذاك الإمام، فمن أمثلة ذلك:
السدي: فهناك السدي الكبير (إسماعيل بن عبد الرحمن بن ابي كريمة الكوفي الأعور ت١٢٨هـ) وهذا من أئمة العلم الثقات. والآخر: السدي الصغير الكذاب الرافضي الخبيث.
وكذا الطبري: فهناك الطبري الثقة الإمام المفسر المحدث: (محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الآملي أبو جعفر الطبري ت ٣١٠هـ) صاحب المصنفات، والآخر الكذاب رافضي خبيث (محمد بن جرير بن رستم الطبري) له مؤلفات في مذهبه.
ونجد اليوم كثيراً من الكذابين يدلسون على الناس بهذه الطريقة.
* وقد تٍقع مثل تلك الروايات المنكرة والباطلة في كتب الرواية المسندة كذا لأسباب:
١ - إما أن يكون هدف المصنِف في مصنَفه جمع الروايات عن شيوخه التي جمعها طيلة حياته، فيصنف كتابه للناس ولا يشترط على نفسه درجة الصحة بل ولا حتى أدنى درجات القبول، فالشيخ أنما ألف كتابه ليجمع فيها حديثه ليس غير فيرتبه على طريقة المعجم كالإمام الطبراني ت (٣٦٠هـ)،أو أنه خرّج الروايات فقط ولم
(١) منهاج السنة ٦/ ٢٤.فلعل الشيخ رحمه الله عرض المسألة على سبيل المجادلة أي حتى لو ثبتت -وهي لا تثبت - فأجاب عنها، أو هي سبق قلم، والله أعلم.