للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحكم عليها بحكم معين فينقلها على وجهها، ويترك الأمر على من بعده، وهو معذور بذلك، كما في كتاب "كنز العمال" وغيره.

٢ - أو أن تكون تلك الروايات وردت في مصنفات اشترط أصحابها الصحة ولم يوفقوا إلى ذلك فأطلقوا اسم الصحيح على مصنفاتهم فظن من لا يميز أنها روايات صحيحة

كالمستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ت (٤٠٥هـ) فإنه زعم أنّ رواياته على شرط صحيحي الشيخين أو أحدهما، فجاء بالقليل مما يقبل والكثير مما ينتقد حتى ملأ كتابه بالأوابد والطامات، فيأتي من لا يعرف العلم فيقول صححه الحاكم! والحق أنه باطل منكر حكم عليه أئمة الصنعة من شيوخ شيوخ الحاكم بالبطلان، ومن تتبع عرف.

وكذا صحيح ابن خزيمة ت (٣١١هـ) فهو وإن كان من النقاد والحفاظ المتقنين إلا أنه أورد في صحيحه أحاديث ضعيفة ومنكرة فيظن بعض عوام الناس أنها صحيحة لوردوها فيه. وكذا كتاب المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع المسمى اختصاراً (صحيح ابن حبان) ت (٣٥٤هـ).

٤ - أو يأتي في طبعة من طبعات كتاب ما اسم الصحيح على كتاب وهذه الزيادة غلط محض وقع فيه ناسخ أو محقق، كما وقع في طبعة من طبعات جامع الإمام الترمذي ت (٢٧٩هـ) ففي طبعة الشيخ أحمد محمد شاكر: (الصحيح الجامع)،وهو غلط فالإمام لم يشترط صحته، واسمه على الصحيح (الجامع)،وقد اشتهر باسم السنن، ولا ضير، المهم أنه لم يشترط الصحة -إصلاً- وفيه الصحيح والحسن والضعيف والباطل كما نص على ذلك مصنفه رحمه الله تعالى، وهو جامع معلل لمن تامله.

فيأتيك جاهل أو جاحد أو حاسد أو حاقد فيتهم الأمة بالتناقض أو بتحريف الحق ونكرانه لأنهم ينكرون رواية جاءت في مثل هاتيك المصنفات (الصحيحة!) فتأمل.

٥ - أو يأتي شيخ متأخر أو معاصر فيحكم باجتهاده تصحيحاً وتضعيفاً، فيخطئ في حكمه، فيصحح حديثاً منكراً - هو يراه بحسب اجتهاده صحيحاً - فيأتيك مبتدع أو جاهل ليحاكم الأمة أو يحاكم إماماً من أئمة العلم كونه يضعف حديثاً في مصنف ذلك الشيخ المتأخر أو المعاصر، كأحكام الهيثمي في مجمع الزوائد، أو السيوطي في الجامع الكبير والصغير، أو الشيخ أحمد محمد شاكر والشيخ الألباني أو الشيخ شعيب الأرنؤوط وغيرهم من المعاصرين، وكثيراً ما أجد من يفعل مثل ذلك في القنوات الفضائية اليوم، فتأمل!

لهذا ولغيره من الأسباب يجب على طلبة العلم اليوم التوجه إلى التفتيش والنقد في الروايات التاريخية وإشاعة مفهوم التثبت والدليل في المعلومة التاريخية وغيرها، وضرورة تطبيق القواعد الحديثية النقدية على الروايات

<<  <   >  >>