للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عروة بن مسعود الثقفي - رضي الله عنه - لما أرسلته قريش مفاوضاً قبل أن يسلم لما رجع إلى قريش:" ... والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدا والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له ... " (١).

فالصحابة الذين قتلوا وأوذوا وشردوا فصبروا من أجل إعلاء كلمة الحق أمام طاغية عصره أبي جهل وغيره من طواغيت الباطل في بدر الفرقان وأحد وحنين .. الخ أيعجزون عن رد رجل واحد، كائناً من كان -لو سلمنا لكم- وفي حضرة من هو أحب إليهم من أنفسهم وأموالهم والناس أجمعين؟ ولو أردنا إيراد بعض مآثرهم في توقير النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه والأدب بين يديه لما وسعنا مثل هذا البحث ولا عشرات أمثاله! ووالله لو حدثت طفلاًلم يبلغ الحلم على فطرته بمثل هكذا خرافة لاستنكرها أيما استنكار؟!،ولكن ما قولك فيمن رضع الحقد والطعن والتكفير، أعاذنا الله من الجهل والبدع. زيادة على ما في هذا القول من تهمة لكل الصحابة – ومنهم علي - رضي الله عنه - في دينهم وشجاعتهم.

وقد جاءت في كتب القوم نصوص كثيرة تنصّ على أنّ هناك من سمع وعلم الوصية المزعومة وهم من أبرز الصحابة جرأة وشجاعة وجلادة: كعلي بن أبي طالب والمقداد وأبي ذر وسلمان وأسامة، وطلحة والزبير، وأبي سفيان!!! وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، ومن ذلك ما يروونه:

عن سليم بن قيس الهلالي: قال الإمام علي (ع) لطلحة: " ألست قد شهدت رسول الله (ص) حين دعا بالكتف ليكتب فيها مالا تضل الأمة ولا تختلف، فقال صاحبك ما قال: (إن نبي الله يهجر) فغضب رسول الله (ص) ثم تركها قال: بلى قد شهدت ذلك. قال: فإنكم لما خرجتم أخبرني بذلك رسول الله (ص) بالذي أراد أن يكتب فيها وأن يشهد عليها العامة فأخبره جبرئيل: (إن الله عز وجل قد علم من الأمة الاختلاف والفرقة) ثم دعا بصحيفة فأملى عليّ ما أراد أن يكتب في الكتف وأشهد على ذلك ثلاث رهط: سلمان وأبا ذر والمقداد وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة. فسماني أولهم ثم ابني هذا ـ وأدنى بيده إلى الحسن ـ ثم الحسين ثم تسعة من ولد ابني هذا ـ يعني الحسين- كذلك كان يا أبا ذر وأنت يا مقداد فقاموا وقالوا: نشهد بذلك على رسول الله (ص) " (٢).


(١) صحيح البخاري (٢٥٢٩).
(٢) كتاب سليم بن قيس الهلالي ص٢١١،وغيبة النعماني ص٨١.

<<  <   >  >>