للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فهذا سلمان وأبو ذر رضي الله عنهما، وكذا العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسامة وأبو سفيان وغيرهم كما نقل في نهج البلاغة (١) فهؤلاء كلهم يعلمون بوصيته - صلى الله عليه وسلم - لعلي –كما يزعمون- فلماذا سكتوا جميعاً! هل خوفاً من رجل واحد!؟،ومما ثبت عند الجميع أنّ الصحابة الكرام كان ينتقد أحدهم الآخر ولا يسلّم له إلا بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهل يعقل أن يرد سلمان على عمر رضي الله عنهما وهو خليفة المسلمين لثوب لبسه ويسكت عن وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في علي؟ ولا يقال إنّ علياً ومن معه كانوا مستضعفين؟ فهو قول باطل لكون الولاء في الإسلام لم يكن للعشيرة ولا للقبيلة وإنما للدين، ولو كان الأمر للعشيرة أو القبيلة لكان الأمر للأوس أو الخزرج؟ لأن أبا بكر وعمر وعلياً وعثمان رضي الله عنهم كانوا من أهل مكة والخلاف وقع في المدينة.

فعلي - رضي الله عنه - من أشرف قبائل العرب وأعزها بيتاً وأمنعها رجالاً فكيف يصبر على ضيم ولا سيما إن كان في الدين!! وهذه العزة والمنعة يقرون بها في كتبهم: فيروون عن علي - رضي الله عنه - أنه قال ليهودي:"يا أخا اليهود (٢)!!! - ثم إني لو طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومن بحضرتك منه بأني كنت أكثر عدداً وأعز عشيرة وأمنع رجالاً وأطوع أمراً وأوضح حجة وأكثر في هذا الدين مناقب وآثاراً لسوابقي وقرابتي ووراثتي ...... " (٣).

فهذا النص من فمهم وهو يدينهم فلم يكن مستضعفاً كما يصورونه، وهذه فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوج علي جهرت بطلبها أرض فدك وخاصمت من أجلها، فهل أرض فدك أعز على فاطمة من وصية الدين؟ وهل علي - رضي الله عنه - أقل شجاعة منها؟ – حاشاه- فهذه الفرية مردودة شرعاً وعقلاً، والهدف الواضح هو الطعن في علي - رضي الله عنه - أولاً؛ إذ يصورنه ضعيفاً مهزوماً خواراً –حاشاه- فهو أسد الله وسيف نبيه المسلط على أعداء الله تعالى.

وتأمل في هذه النصوص الباطلة التي ينقلونها فتنقلب على قائلها حجة!،فجاء في نهج البلاغة يصف حادثة السقيفة:"فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال: يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإنّ الناس في ظلكم ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولا يصدر أحد إلا عن رأيكم أنتم أهل العزة والمنعة، وأولو العدد والكثرة وذوو البأس والنجدة وإنما ينظر الناس ما تصنعون، فلا تختلفوا فتفسد عليكم أموركم فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير. فقال عمر هيهات لا يجتمع سيفان في غمد والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم، ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة منهم من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه


(١) نهج البلاغة شرح أبي حديد ١/ ٢١٠.
(٢) وعجباً لهذه العقيدة التكفيرية التي تكفر الصحابة الموحدين، وتجعل من اليهود المشركين أخواناً لهم؟!.
(٣) الخصال ص٣٧٤.

<<  <   >  >>