للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ:

مر معنا أن المصنف رحمه الله تعالى شرَع فيما يتعلق بمباحث الألفاظ قال: (ثُمَّ اللَّفْظُ: إِمَا مُفْرَدٌ، وَإِمَّا مُؤَلَّفٌ).

واللفظ المراد به: اللفظ الدال بالوضع.

وبعضهم يعبِّر عن هذا باللفظ المستعمل "مُسْتَعْمَلُ الأَلْفَاظِ حَيْثُ يُوْجَدُ" يعني: اللفظ المستعمل، وهو الذي عناه المصنف هنا؛ إذ اللفظ المهم لا ينقسم إلى مفرد وكُلِّي.

ويكون مفرداً كديز، أما هل يكون مركباً؟ هذا فيه خلاف. منهم من أثبته ومنهم من نفاه، لكن البحث هنا في مستعمل الألفاظ يعني: اللفظ المستعمل.

وأما اللفظ المهمل سواء قيل بأنه مفرد أو ينقسم إلى مفرد ومركب هذا لا ينبني عليه كبير علم.

(ثُمَّ اللَّفْظُ: إِمَا مُفْرَدٌ، وَإِمَّا مُؤَلَّفٌ).

والمفرد عرّفه المصنف هنا بقوله: (وَهُوَ الَّذِي لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ دَلاَلَهٌ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ) يعني: ما لا يدل جزءه على جزء معناه، هكذا اشتهر.

وقلنا: هذا يدخل تحته أربعة أشياء: إما أن يكون المفرد الذي يصدق عليه أنه مفرد ما لا جزء له أصلاً. كباء الجر ولامِه، وما كان على حرفٍ واحد، حينئذٍ نقول: هذا ليس له جزءٌ. وهذا واضح.

الثاني: ما له جزءٌ ولكن لا معنى له، يعني: لم يوضع له معنًى في لسان العرب. كحروف المباني، فكل حرف مبنى في لسان العرب في المفردات، هذا يُعتبر حرفاً لم يوضع لمعنى من المعاني البتة فـ (ز) من زيد، و (ي) من زيد و (د) من زيد .. كل حرفٍ منها هذا جزءٌ ولا شك؛ لأنه ينفك عن الكل الذي هو زيد، لكن (ز) هل له معنى؟ الجواب: لا. ليس له معنى، هذا النوع الثاني.

النوع الثالث: أن يكون له معنًى لكنه سُلب المعنى بعد نقلِه إلى العلمية، ويعنُون به ما كان على وِزان عبد الله ونحوه.

يعني: قبل جعلِه عَلماً هو مضاف ومضاف إليه .. عبد الله، جاء عبد الله وتعني به عبد الله كغلام زيد، فحينئذٍ لو نُقل وجُعل علماً صار مسماه غير مسمى عبد الله مركباً إضافياً؛ لأن المركب الإضافي كما مر معنا أنه مؤلَّف من ثلاثة أجزاء: معنى المضاف، ومعنى المضاف إليه، والنسبة التقييدية بين المضاف والمضاف إليه.

هذا المعنى صار منسياً، فإذا قلت: جاء عبد الله علماً حينئذٍ نقول: عبد الله مدلوله كمدلول زيد وهو ذات مشخَّصة، لا يلاحظ فيه معنى العبودية ولا يلاحظ فيه معنى لفظ الجلالة. هذا قول لبعضهم، أنه صار نسياً منسياً.

وبعضهم يرى أن المعنى قبل العلَمية باقٍ، لكنه لمَّا كانت الدلالة غير مقصودة حينئذٍ صار مفرداً، ويُشترط في المركب أن تكون الدلالة مقصودة.

النوع الرابع: أن يكون له جزءٌ وهذا الجزء له معنى، وهو جزء معنى اللفظ المستعمل أو اللفظ المفرد.

وهذا مثّلوا له بحيوان ناطق، حيوان ناطق عَلماً، قبل جعله علماً هو مركب توصيفي تقييدي، الثاني وصفٌ للأول .. الثاني يستلزم الأول. إذاً: بينهما نسبةٌ تقييدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>