للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ:

قال المصنف رحمه الله تعالى: (الْقَوْلُ الشَّارِحُ).

ولذلك قدَّم له المصنف هنا بقوله: (واعلم أن غرض المنْطِقي معرفة ما يوصل إلى التصور وهو القول الشارح، أو للتصديق وهو الحُجة، ولكلٍ منهما مقدِّمةٌ.

ولما فرغ من مقدمة الأول أخذ في بيانه فقال .. ).

كما عرفنا فيما سبق أن العِلم نوعان: عِلم تصوُّر، وعِلم تصديق.

والتصور له مبادئ وله مقاصد، مبادئه: الكُلِّيّات الخمس، وقد انتهينا منها. ومقاصده: المعرِّفات أو التعريفات أو القول الشارح.

وكذلك الشأن في العِلم الثاني "علم التصديق" له مبادئ وله مقاصد.

مبادئه: القضايا وأحكامُها، ومقاصدُه: القياس أو الحُجة أو البرهان.

قال هنا: (لما فرغ من مقدمة الأول) يعني: القول الشارح الذي هو علم التصور (أخذ في بيانه فقال: القول الشارح).

(الْقَوْلُ الشَّارِحُ) أي: هذا بابُ بيان أقسام القول الشارح، فهو عنوان أو ترجمة.

(الْقَوْلُ الشَّارِحُ) ويرادفُه المعرِّف بكسر الراء، المعرِّف والقول الشارح مرادفٌ له.

وقوله: (الْقَوْلُ الشَّارِحُ) هذا مركَّب توصيفي.

(الْقَوْلُ) يُطلق على الملفوظ والمعقول. يعني: المعقولات تُطلَق عليها أنها قول، كذلك الملفوظات، الملفوظات واضح وهو بحثٌ لغوي.

وعند المناطقة يُطلق على المعقول أنه لفظ.

(ولا بد أن يكون مركَّباً).

(الْقَوْلُ الشَّارِحُ) القول لا بد أن يكون مركباً.

(لأنهم) يعني: المناطقة.

(رفضوا التعريف بالمفرد، بل قيل: إنه غير صحيح.

وذكر السيد تبعاً للقُطب أن الحق هو: أن التعريف بالمعاني المفردة جائزٌ عقلاً، إلا أنه لما لم ينضبط انضباط التعريف بالمعاني المركبة ولم يكن أيضاً للصناعة فيه مدخلٌ لم يلتفتوا إليه).

قال: (وهذا هو تحقيق ما نُقِل عن ابن سينا) يعني مَنْعه التعريف بالمفرد.

إذاً: التعريف بالمعاني المركَّبة هذا هو الأصل، والعملُ على هذا.

أما هل يُعرَّف بالمعاني المفردة؟ فهذا من حيث الجواز العقلي هو الذي وقع فيه، منهم من أثبت ومنهم من نفى، لكن هل يقع في الخارج لكونه لا ينضبط كانضباط القول المركَّب؟ حينئذٍ لا يُلتَفت إليه، وإنما يُلتفت إلى المعاني المركبة.

إذاً: (الْقَوْلُ) المراد به المركَّب سواء كان القول يُطلق ويراد به الملفوظ أو المعقول.

حينئذٍ مركَّبٌ ملفوظ ومركَّبٌ معقول، صارت القسمة ثنائية: مركَّب معقول ومركَّب ملفوظ.

(الْقَوْلُ الشَّارِحُ) الشارح هذا نعتٌ له، إذا جعلناه على ظاهره.

قال: (الشَّارِحُ) (سُمّي به لشرْحِه الماهيّة).

هكذا في نسخة: (سُمّي به لشرحه الماهيّة).

(وفي نسخة) وهي التي عليها الحاشية هنا الظاهر: (سُمّي شارحاً لشرحِه الماهيّة).

على هذه النسخة (سُمّي شارحاً لشرحه الماهيّة) لا اعتراض؛ لأن هذا التعليل لا لكونه قولاً وإنما لكونه شارحاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>