للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ:

وقفنا عند قول المصنف رحمه الله تعالى: (ثم ثنَّى) يعني: المصنف.

أي: أتى به ثانياً بعد إتيانه بالذاتي أولاً، (بالعرضي) المراد به المنسوب لما عرض للذات .. خارجاً عنها.

وهذا اصطلاح أهل الميزان لا المنسوب للعرض المقابل للجوهر كما هو اصطلاح المتكلمين يعني: هذا قدرٌ مشترك بين فنين.

العرض عند المناطقة هو الخارج عن الذات، والعرض عند المتكلمين هو ما لا يقوم بذاته كاللون ونحوه. وحينئذٍ فرقٌ بين الاصطلاحين.

قال: (وَأَمَّا الْعَرَضِيَّ).

قال العطار: مقابل قوله: (أما) محذوفٌ أي: أما الذاتي فقد علمتَ تقسيمه .. إلى آخره.

ثم قال: (والعرضي نسبةٌ للعرَض بمعنى: ما يعرض للماهية من الأمور الخارجية عنها، المحمولة عليها) فإن العرض عند المتكلمين: ما قام بغيره.

فالأبيض عرضيٌ بالمعنى الأول -عند المناطقة- لا بالثاني؛ لأن العرَض نفس البياض لا الأبيض.

حينئذٍ الأبيض عرضٌ بالمعنى الأول لا بالثاني. يعني: عند المتكلمين الأبيض لا يسمى عرَضاً؛ لأن الأبيض معناه ذاتٌ متصفة بالبياض، البياض نفسُه هذا عرَضٌ عند المتكلمين، أبيض عند المناطقة هذا يسمى عرَضاً، فرقٌ بين الاصطلاحين، وحينئذٍ العرَضي عند المناطقة هو الخارج عن الذات، وأما عند المتكلمين فهو ما لا يقوم بنفسه بل ما قام بغيره.

قال هنا: (وَأَمَّا الْعَرَضِيُّ:

فَإِمَّا أَنْ يَمْتَنِعَ انْفِكَاكُهُ عَنِ المَاهِيَّةِ، وَهُوَ الْعَرَضُ الَّلاَزِمُ).

(فَإِمَّا أَنْ يَمْتَنِعَ انْفِكَاكُهُ عَنِ المَاهِيَّةِ).

قال في الحاشية: (أي: من حيث وجودُها ذهناً، بمعنى أنها يمتنع إدراكها دون إدراكه).

وهذا كما علمنا أنه البحث في الكُلِّيّات، وإنما يكون الانفكاك وعدمُه في الذهن، هذا هو الأصل فيه؛ لأن البحث في الكُلِّيّات.

أي: من حيث وجودها ذهناً، بمعنى أنها يمتنع إدراكُها "أي: إدراك الذات" دون إدراكه يعني العرَض أو اللازم.

كفردية الثلاثة، لا تُدرِك الثلاثة إلا بإدراك أنها فرد، وكذلك زوجية الأربعة لا تدرك الأربعة إلا بأنها زوج وهكذا، ويسمى هذا لازمَ الذهنِ.

(أو من حيث الوجود الخارجي بمعنى أنها يمتنع وجودُها في الخارج منفكة عنه) وهذا باعتبار الأفراد لا باعتبار حقيقة الكلِّي.

(كسواد الغراب ويسمى لازم الوجود) أو من حيث هي بمعنى: أنه يمتنع وجودُها في الذهن أو الخارج هذا بناءً على التقسيم اللازم الذي مر معنا: لازم في الذهن فقط، لازم في الخارج فقط، لازم في الذهن والخارج.

يعني: كأنه أعاد ما سبق.

(أو من حيث هي بمعنى أنه يمتنع وجودُها في الذهن أو في الخارج منفكَّة عنه، بل أينما وُجِدت اتَّصَفَتْ به ككون زوايا المثلث الثلاثة مساوية للقائمتين، ويسمى هذا لازم الماهيّة).

<<  <  ج: ص:  >  >>