للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ:

سبق أن المصنف رحمه الله تعالى قال: (وحصَر المصنف) يعني: صاحب المتن.

والحصرُ هنا حصرٌ استقرائي وهو جَعْلي وليس عقلياً؛ لأنهم يختلفون في الأبواب.

(حصَر المقصود في رسالته في خمسة أبحاثٍ): بحث الألفاظ "قلنا يدخل فيه الدلالة"، وبحث الكُلِّيّات الخمس، وبحث التصورات والمراد به المعرِّفات، وبحث القضايا، وبحث القياس. هذه خمسة أبحاث.

البحث الأول: الألفاظ، ويشمل بابين أو فصلين.

الباب الأول: فيما يتعلق بالدلالة وأنواعها.

والثاني: في تقسيم اللفظ إلى كلي وجزئي، ثم الكلي إلى أنواع .. إلى آخر ما سيذكر.

ولذلك قدَّم هنا بمقدِّمة قال: (ولما كانت معرفة الكُلِّيّات الخمس تتوقف على معرفة الدلالات الثلاث: المطابقة والتضمن، والالتزام وأقسامِ اللفظ).

بدأ ببيانها فقال: (ولما كانت) هذا تمهيد لوجه ذكر مباحث الألفاظ في كتب المنْطِق، مبحث المناطقة في المعاني فقط "في المعقولات"، هذا الأصل فيه، وهذه المعاني لا يمكن أن تؤخذ إلا عن طريق -خاصة من جهة الإخبار شخص لشخص وهو التعلم- لا يمكن أن تكون إلا في قالَب الألفاظ.

حينئذٍ لا بد أن يُبحث في الألفاظ؛ إذ الألفاظ قوالب المعاني، والمعاني لا يمكن أن يوصل إليها إلا من جهة الألفاظ.

إذاً: لزِم البحث فيما يتعلق بالألفاظ فيما يُوصل إلى المعاني الكُلّيّة أو الجزئية التي يبحث عنها أو فيها المنْطِقي استقلالاً أو استطراداً.

إذاً: (هذه المقدمة تمهيدٌ لوجهِ ذِكر مباحث الألفاظ في كتب المنْطِق، وبيان أنها ليست من مقاصده بل من مبادئه لخروجها عن موضوعه.

والتوقُّف هنا توقف شروع أي: أن الشروع في علم المنْطِق يتوقف على معرفة هذه المباحث اللفظية؛ لأنها وسائل له ومبادئ، فمبحث المناطقة يكون في اللفظ من جهة الدلالة؛ إذ الألفاظ قوالب المعاني) لأن بحثهم كما ذكرنا إنما هو في المعاني والمعقولات.

(فلا يمكن التوصُّل إلى المعنى إلا بالنظر في اللفظ، فالألفاظ دلائل المعاني، والألفاظ لها دلالات والدلالات تختلف، وحينئذٍ لا بد من النظر في أنواعها).

ولذلك قدَّم المصنف كغيره البحث في أنواع الدلالات على البحث في أقسام اللفظ؛ لأن عندنا دال وعندنا مدلول، وكلٌ منهما ينقسم كما سيأتي.

والأهم هنا في هذا الباب أن هذا الباب متفق عليه ليس مما يختص به المنْطِقي، ولذلك بعينه الدلالات الثلاثة: المطابقة، والتضمن، والالتزام. تُذكر في كتب المنْطِق وتذكر في كتب الأصول، وتذكر كذلك في كتب البيان والبلاغة.

وهذا يدل على أنها من الأمور المسلَّمة ليست من الأمور الدَّخيلة يعني: بمعنى أنها فلسفية بحتة وأنها مما جاء به الفلاسفة لا، وإنما هي في الأصل من مباحث اللغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>