للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معرِّف الشيء يعني: الكاشف للماهية والحقيقة، المراد به المعرَّف.

قال: (ما تستلزم معرفتُه معرفتَه) معرفتُه بالرفع على أنه فاعل، ومعرفتَه بالنصب على أنه مفعولٌ به.

قال العطار: لفظ المعرفة يُطلق على أمرين: أحدها: اتضاح أمرٍ للعقل بعد أن كان مجهولاً له.

لفظ المعرفة كثير في الاصطلاحات يفرِّقون بينها وبين العلم، وإن كان المعنى اللغوي الظاهر التساوي بينهما "اتحاد اللفظين" العلم بمعنى المعرفة والمعرفة بمعنى العلم.

على كلٍ هنا قال: تُطلق، وقد يقال بأنه استعمالٌ لغوي في بعض المواضع، وقد يقال بأنه اصطلاح في بعض الفنون، ولا مشاحة في الاصطلاح.

خاصة إذا جُعل للعلم معنًى خاصاً يعني: اصطلاحاً، حينئذٍ لا مانع أن يقال بأن ثم معنى يتعلق به بالمعرفة وهو اصطلاحٌ كذلك.

قال: لفظ المعرفة يُطلق على أمرين: أحدِهما: اتضاح أمرٍ للعقل بعد أن كان مجهولاً له. وهذا أشبه ما يكون بالإدراك، أدرك المعنى فاتضح له، سواء كان المعنى مفرداً أو كان المعنى مركباً.

الثاني: خطور أمرٍ للعقل. يعني: خَطَر، وقد يكون عن غفلة أو سهوٍ فخطر يسمى معرفة.

إذاً: ما يزال به الجهل واتضاح الأمر بعد أن كان مجهولاً يسمى معرفة، إذا كان ثم غفلة أو سهوٌ وحصل خُطور للمفرد أو المركب بالبال يسمى معرفة .. يُطلق ويراد به هذا المعنى ويُطلق ويراد به المعنى الثاني.

قال: ولفظ المعرفة وقع في التعريف ثلاث مرت: معرِّف الشيء، معرفتُه، معرفتَه. ثلاث مرات وقع لفظ المعرفة.

ولفظ المعرفة وقع في التعريف ثلاث مرت: أحدُها: قوله: المعرِّف فإنه مشتقٌ من لفظ المعرفة.

الثاني والثالث: قوله: ما تستلزم معرفتُه معرفتَه. هذه ثلاث مواضع.

إذاً: وعندنا المعرفة بمعنيين، ما المراد؟ معرِّف الشيء، معرفتُه، معرفتَه .. ما المراد؟ هل المراد التحصيل، أو اتضاح الشيء بعد أن كان مجهولاً؟ هل المراد خطور الشيء بالبال؟

قال: فالمعرِّف أولاً -معرِّف الشيء- بمعنى المحصِّلِ لما كان مجهولاً عند العقل. هذا واضح من كونه باسم الفاعل معرِّف، إذاً: محصِّل.

محصِّل لأي شيء؟ لما كان مجهولاً عند العقل.

والثاني -الذي هو الفاعل .. معرفتُه- بمعنى الخطور بالبال. خَطَر بالبال.

والثالث بالمعنى الأول: الذي هو: اتضاح أمرٍ للعقل بعد أن كان مجهولاً له، لماذا؟ لأن الثاني هو النتيجة .. معرِّف الشيء: ما تستلزم معرفتُه معرفتَه، معرفتَه هذا المفعول به لا بد أن يكون منكشِفاً ومتضحاً بعد أن كان مجهولاً.

إذاً: لئلا يلزم الدور، حينئذٍ لا بد أن نجعل معرفتُه الذي هو فاعل بمعنًى مغاير، وإلا الشيء لا يُحصِّل نفْسَه، وإلا كيف يكون ضرب زيدٌ زيداً؟ هل يصح هو الضارب نفسه ضرب زيدٌ زيداً؟ لا يصح، كيف معرفتُه معرفتَه؟ إذاً: لا بد أن نفْصِل.

فنجعل معرفتُه -التي هي الفاعل- بمعنى الخطور بالبال، ومعرفتَه -التي هي المفعول به- بمعنى اتضاح الشيء بعد أن كان مجهولاً.

والمعرِّف بمعنى المحصِّل ولا إشكال، إذاً: لا اعتراض.

(فالمعرِّف إذا ذُكر للسامع كان مقصوداً منه: أن هذه الأجزاء اشتمل عليها المعرِّف، وكانت معلومة عند السامع تُذكر لتخطُر بباله، ويؤتى بها محمولة على المعرَّف فيحصل له بسبب ذلك ما كان مجهولاً عنده).

<<  <  ج: ص:  >  >>