قال المحشي: (بُحث فيه) يعني: في هذا التعريف.
هل المراد بالمعرفة بالكُنْه أو بوجهٍ ما؟
بالكُنه يعني: بالحقيقة على الوجه التام، إذا قيل: على الوجه التام فحينئذٍ يُحمَل التعريف على الحد التام؛ لأنه هو الذي يكون بالذاتيات، وما عداه الذي هو الرسم وغيرُه، وقد يكون كذلك الحد الناقص يكون خرج، إن قلنا بوجهٍ ما يعني: معرفةٍ ما ولو ببعض الذاتيات، فيدخل فيها من بابٍ أولى جميعُ الذاتيات.
هل المراد بالمعرفة من كل وجه؟ أقصاها وهي التي تحصل بالذاتيات، فيكون الحد هنا خاصاً بالحد التام، أو المعرفة بوجهٍ ما؟ هذا محل النزاع.
(وبُحث فيه بأنه إن أُريد بالمعرفة بالكنه) يعني: بالحقيقة، وهذه إنما تكون بالذاتيات يعني: حد التام.
(لم يشمل الرسم) بالذاتيات على كلامه (لم يشمل الرسم) يعني: بالذاتيات ولو ببعضها.
(وإن أُريد المعرفة بوجهٍ ما لم يشمل الحد) خرجت يعني.
(فالمناسب زيادة) على ما اشتهر عند صاحب الشمسية وغيره.
(أو امتيازه) يعني: تمييزه عن غيره؛ لأن الرسم لا يحصل به تمييز الحقيقة؛ لأنه لا يكون بالذاتيات .. الرسم لا يكون بالذاتيات، وإنما الحد هو الذي يكون بالذاتيات.
"تامة" فالحد التام، أو بعضها فالحد الناقص.
إذاً: ما عداه الذي يكون بالعرَضيات هذا هو الرسم، حينئذٍ لا يحصل به.
ولذلك قال: (أو امتيازُه) يعني: تمييزه عن غيره.
كما يقال: ما الإنسان؟ يقال: الضاحك، الضاحك هذا ليس داخلاً في مفهوم الإنسان، وإنما هو خاصة له يعني: عرَض، ومر معنا أنه عرضٌ خاص يعني: خاصةٌ أو لازمة.
فحينئذٍ نقول: الضاحك هذا ليس داخلاً في الماهيّة؛ لأن ماهيّة الإنسان مؤلَّفة من جزأين اثنين فقط: حيوان، ناطق.
والضاحك هذا منفكٌ عنه، والمراد بالضحك هنا الضحك بالقوة.
فحينئذٍ هل هذا داخلٌ في الحد: معرفتُه معرفتَه؟ الظاهر لا. ولا بد من إدخاله، فنقول: (أو امتيازُه).
إلا إذا حملنا "معرفتُه معرفتَه" ولو بوجهٍ ما، حينئذٍ دخل ما يحصل به التمييز، وعلى هذا المعنى حمله العطار قال: لا نحتاج إلى امتيازه.
إذاً: هل الزيادة نحتاجها أو لا؟ مبنيٌ على تفسير المعرفة، هل المراد بالمعرفة بالكُنه بالحقيقة الواقعة بالذاتيات؟ فيشمل الحد بنوعيه على ظاهر كلام المحشي: التام والناقص، أو المراد بالمعرفة ولو بوجهٍ ما؟ فلا يُشترط حينئذٍ أن يكون بالذاتيات بل ولو بالعرضيات. هذا محل نزاع والأمر واضح بيّن.
قال: (فالمناسب زيادة: أو امتيازُه.
فالحد التام تستلزم معرفتُه المعرفة، والحد الناقص والرسم مطلقاً تستلزم معرفتُه التميُّز) فحينئذٍ يمتاز أو يتميّز بالآثار والعرَضيات التي تكون مميزةً له، وأما الذاتيات فلا.
قال هنا في الشمسية في تعريف المعرِّف: (معرِّف الشيء ما تستلزم معرفتُه معرفتَه أو امتيازَهُ) بالنصب، أو امتيازَهُ يعني: ما تستلزم معرفتُه امتيازَه.
(أو امتيازَهُ عن كل ما عداه).
وفي شرحها للقطب (إنما قلنا: أو امتيازه إلى آخره ليتناول الحد الناقص) بخلاف أول كلام المحشي (ليتناول الحد الناقص والرسم).
لأنه إذا قيل: "معرفتُه معرفتَه" حُمل على الكمال وهو أن يقع بالذتيات على جهة الكمال، فلا يكون كذلك إلا في الحد التام.