فحينئذٍ إذا قيل: بأن الله تعالى يعلم، والله تعالى يُبصر، والله تعالى يسمع. فحينئذٍ نقول: السمع هل هو بذاته أم بقدرٍ زائد على الذات؟
مذهب أهل السنة الثاني، وإلا ما أثبت صفة، لو قلت: يسمع بذاته. الذات هذه متفق عليها حتى إبليس يثبتها، لكن إذا قيل: يسمع أو يُبصر ماذا تعني؟
ولذلك ليس كل من أثبت صفة يكون على وفق أهل السنة والجماعة، ولذلك نحن نقول: الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة، يقولون: هم قريبون منا لأنهم أثبتوا سبع صفات!
نقول: تعال: كيف أثبتوا هذه الصفات؟
أولاً: هل أثبتوها بالنقل؟ لا، أثبتوها بالعقل.
إذاً: الأساس فاسد عندهم، ما أثبتوها بالنقل وإنما أثبتوها بالعقل، وهذا كيفية الاستنباط أو أخذ الصفات والأسماء من الكتاب والسنة هذا أصلٌ شرعي، المخالِف فيه يُبدَّع.
حينئذٍ إذا جعَل مصدراً غير الكتاب والسنة في الأسماء والصفات هذا ليس من أهل السنة والجماعة، ثم إذا كانت النتيجة أثبتَ بالعقل الكلام.
طيب. ما معنى الكلام عند الأشعري؟ القول النفسي أو الكلام النفسي، هل هو مذهب أهل السنة والجماعة؟
إذاً: أثبتَه بطريقٍ مخالف لطريق أهل السنة والجماعة، ثم المعنى ليس هو المعنى، ما بقي إلا كلمة الكلام فقط التي أثبتَها، ما أثبتوا إلا لفظ الكلام، ولفظ السمع، ولفظ البصر .. إل آخره.
حينئذٍ نقول: مذهب أهل السنة والجماعة هو إثبات الصفات وأن الصفة قدرٌ زائدٌ على مجرد الذات، وليست هي عين الذات، فلا نقول: يسمع بذاته، يُبصر بذاته، يعلم بذاته .. فردَدْنا كل شيء إلى الذات.
لأن عندهم الصفة إذا أُثبِتت بقدرٍ زائد على الذات قالوا: تعدُّد القدماء .. هذا يلزم منه تعدد القُدماء! هذا في عقولكم الفاسدة وإلا لا يلزم منه شيء.
هذا الكلام الذي يقول هنا العطار: أن الشمس تضيء بذاتها لا بقدرٍ زائد على الذات، يقال: الشمس الله أعلم بحالها، لكن هذا الكلام لا نأخذه ونطبقه في باب المعتقد، هذا الذي أعنيه. يعني: إذا سلمتُ به هنا أو سكتُ عنه لا يلزم منه أن نأخذه ونطبِّقه في باب المعتقد، باب المعتقد منقولٌ كاملاً لا نحتاج إلى عقل لا جويني ولا الفخر ولا غيره، بعقول الصحابة وفهم الكتاب والسنة أمرٌ واضح، بل هو من أوضح الواضحات، وإنما الإشكال يقع في فساد العقول فقط، وإلا الأصل أنه واضح.
بل ذكر ابن القيم أن آيات الصفات والأسماء ليست من المحكم فحسب، بل هي من أحكم المحكم. والمحكم أعلاه الواضح المتضح، المتشابه: الذي لم يتضح.
وهؤلاء يدّعون أنه من المتشابه، هذا باطل فاسد.
نقول: هو من المحكم، بل من أحكم المحكم، ولذلك لم يرد عن الصحابة أنهم سألوا عن آية واحدة، لا لكونهم كما يقولون: إنهم فوَّضوا المعنى لا، ولكن لكونهم قد فهموا المراد.
يعني: ((وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)) جاء قبلها: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى:١١].