للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثلُه نقول المقدَّم عند النحاة أهل الفن، إلا إذا جاءوا بشيءٍ مطابق لما عند النحاة فلا إشكال.

قال: (وَالثَّانِي تَاليًا) يعني: الجزء الثاني من الشرطية يسمى تالياً، لماذا؟

(لتلوِّه الأول أي: تبعيتِه له) يتبعه.

(والمراد بالأول: الطالبُ للصحبة وإن ذُكر آخراً، وبالثاني المطلوبُ لها وإن ذُكر أولاً كما مر نظيرُه في الحملية).

لكن بقي أن هذا هل يشمل المنفصلة، أم أنه خاصٌ بالمتصلة؟ المتصلة متفقٌ عليه: الأول مقدم والثاني تالي، لكن العدد إما زوجٌ أو فردٌ. هل الأول مقدم والثاني تالي؟ قيل به، وقيل: لا.

التقسيم هذا لا يشمل المنفصل؛ لأنا لا نحتاج، إذا كانت الشمس طالعةً فالنهار موجود. المقدّم يستلزم التالي، بينهما علاقة .. تلازم.

لكن ما بينهما تنافي ليس بينهما تلازم، فإذا قلت: العدد إما زوجٌ أو فردٌ. سمّيت الأول مقدَّماً أو تالياً، والثاني مقدماً أو تالياً لا يضُر، لا ينبني عليه شيء.

وإنما يتعين أن الأول مقدَّم والثاني تالي في الشرطية المتصلة وأما المنفصلة فلا.

قال رحمه الله تعالى: (وَالْقَضِيَّةُ) (بحسب إيقاع النسبة وانتزاعها) (إِمَّا مُوجَبَةٌ، وَإِمَّا سَالِبَةٌ).

أراد أن يقسِّم لنا القضية بحسب إيقاع النسبة وانتزاعها؛ يشير إلى أن هذا تقسيمٌ للقضية باعتبار ما يعرِض لها، وما سبق باعتبار ذاتها، وما بالذات أقوى فلذلك قدَّمه على ما هاهنا.

يعني: هذا تقسيم آخر، تنقسم القضية إلى موجبة وسالبة، لكن باعتبار الإيقاع والانتزاع .. باعتبار النسبة إيقاعها وانتزاعها.

(وَالْقَضِيَّةُ) يعني: الحملية.

(بحسب إيقاع النسبة) يعني: بالنظر إلى هذه الحيثية.

(إيقاع النسبة) أي: إدراك وقوع النسبة.

(وانتزاعها) أي: إدراك انتزاع النسبة.

قال هنا: (إيقاع) إدراك وقوع.

(النسبة) أي: الكلامية، أي موافقتُها للنسبة الواقعية.

(وانتزاعِها) أي: إدراكُ أن النسبة الكلامية ليست واقعة ولا موافقةً للنسبة الواقعية .. على ما مر في الكلام على التصديق.

(إِمَّا مُوجَبَةٌ: كَقَوْلِنَا زَيْدٌ كَاتِبٌ).

(مُوجَبَةٌ) (أي: مسمّاةٌ بهذا لوجوب النسبة فيها أي: ثبوتها) فالإيجاب بمعنى الثبوت، ولذلك تقول: الواجب بمعنى الثابت، والوجوب بمعنى الثبوت (مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ) أي: ما يُثبت من وسائل تؤدي إلى الرحمة.

(أي: مسمّاةٌ بهذا لوجوب النسبة فيها أي: ثبوتِها.

والمشهور فتح الجيم –موجَبَة- على معنى أن المتكلم أوجبَ النسبة أي: أثبتَها فيها).

(ويصح كسرها موجِبة) وإن لم يكن شائعاً، الاستعمال على الأول، لكن يجوز موجِبة.

(على معنى أن القضية أَوجَبَت أي: أثبتت النسبة إسناداً مجازياً).

قال: (إِمَّا مُوجَبَةٌ: كَقَوْلِنَا زَيْدٌ كَاتِبٌ) ليست سالبة.

(وَإِمَّا سَالِبَةٌ) (أي: مسمّاةٌ بهذا لاشتمالها على انتزاع النسبة أي: سلبِها عن الموضوع) (كَقَوْلِنَا زَيْدٌ لَيْسَ بِكاتِبٍ) نفيتَ الكتابةَ عن زيد.

قال: (والموجَبة) أراد أن يقسِّم الموجبة (إما محصّلةٌ أو معدُولة).

(والموجبة إما محصَّلةٌ وإما معدولة).

المحصَّلة قال: هي الوجودية. يعني: أن يكون كلٌ من الطرفين أمراً وجودياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>