للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك قال: (جُعِل حكمه) يعني: حكم حرف السلب (حكمَ ما بعده) يعني: ما دخل عليه.

فإن دخل على الموضوع صار حرفُ السلب موضوعاً لأنه جزءٌ من اللفظ، وإذا دخل على المحمول صار حكمُه حكمَ المحمول.

قال هنا: (أصلُ أداة السلبِ سلبُ النسبة، وقد يُعدَل بها عنه، وتُجعل من الموضوع أو المحمول أو منهما، وتسمى القضية معدولةً لذلك موجبةً كانت أو سالبة.

والقضية التي لم يُجعل حرف السلب جزءاً من موضوعها ولا من محمولها تسمى محصَّلة موجَبة كانت أو سالبة).

إذاً: كلٌ من المحصَّلة أو المعدولة .. كلٌ منهما تكون سالبة أو موجَبة، وسيأتي الأمثلة فيما سيذكره الشارح.

قال هنا: (وجُعِل حكمُه حُكمَ ما بعدَه).

قال العطار: (أو لأن الأصل في التعبير عن الأطراف هو الأمور الثبوتية؛ لأن الوجود هو السابق، والسلبُ مضافٌ إليه) وهو كذلك؛ لأنه لا يُفهم السلب إلا بعد إدراك الثبوت.

(ففي التعبير عن طرف القضية بالسلب عُدولٌ عن الأصل.

وأما المحصَّلة فإنما سُمّيت بذلك لعدم اعتبار العدم فيها، والمراد بعدمية الأطراف هنا -عدمي على عدمي- أن يكون حرفُ السلب جزءاً من لفظه كما يُفهم من المقابل، لا أن يكون العدم معتبَراً في مفهومه، فنحو قولنا: لا شيءَ من المتحرك بساكن سالبةٌ محصَّلةُ الطرفين) ليست من المعدولة في شيء، مع أن الساكن هذا عدمي.

إذاً: ليس المراد هنا أن يكون مفهومه عدمي، وإنما يكون مقابل له.

قال: (لا أن يكون العدم معتبراً في مفهومه، فنحو: لا شيء من المتحرك بساكن سالبةٌ محصَّلة الطرفين، ليست من المعدولات في شيء، مع أن السكون عدم الحركة.

ومثل قولنا: زيدٌ لا معدومٌ) هذه تُعتبر معدوم، زيدٌ لا معدومٌ، أدخلنا حرف السلب على معدوم المحمول فصار جزءاً منه.

(لا معدوم) يعني: موجود، مع كون المفهوم -مفهوم اللفظ- يدل على أمر عدمي.

قال هنا: (فقيل في الموجَبة المعدولة موجَبةٌ، أي: مع اشتمالها على حرفِ أو حرفي نفي).

يعني تقول: لا إنسان هو لا جماد –مثلاً-، هذا ثابتة أو سالبة؟ هذه موجَبة؛ لأن الجزء هنا -حرفُ السلب- دخل على الموضوع، قيل: لا جماد أو لا إنسان، هو لا جماد. حرف السلب دخل على الموضوع فصار جزءاً منه، ودخل على المحمول فصار جزءاً منه.

وأما القضية فكما هي على أصلها، ولذلك قلتُ: "هو" للدلالة على أن الربط هنا ثابت، حينئذٍ تكون هذه موجَبة.

وإن كان حرف السلب داخلاً سواء كان واحداً أو متعدداً، ولذلك قال هنا: (أي: مع اشتمالها على حرفِ أو حرفي نفي).

إذا كان دخل على الموضوع فقط، أو على المحمول فقط، أو حرفي نفي إذا دخل عليهما معاً.

(ولم يقل فيها سالبة؛ لأن إيجابَ القضية وسلبَها إنما هو بالنظر لنسبتها. فإن لم يتسلط النفي عليها فهي موجَبة ولو كان طرفاها عدميين نحو: لا حيٌّ هو لا حيوان) لا حي يعني: غير متصف بالحياة، "هو لا حيوان" ليس بحيوان.

"لا حيٌّ هو لا حيوان" هذه موجبة أو سالبة؟ موجبة مع كونه اشتمل على حرفي سلب؛ لأن النفي لم يتسلط على النسبة، والحرف الأول دخل على الموضوع فصار جزءاً منه، ولذلك سُمِّيت معدولة.

(وإن تسلَّط النفي عليها فسالبةٌ، وإن كان طرفاها وجوديين نحو: ليس زيدٌ كاتباً).

ثُم قال: (ثُم المحصَّلة) الوجودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>