للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وكلما لم) جاء في النفي، فيما سبق في الإثبات.

(وكلما لم يتحقق الحكم على الأفراد في الجملة لم يتحقق الحكم على بعضها، وكلما لم يتحقق على بعضها لم يتحقق الحكم عليها في الجملة وإلا لزم تحققه على تقدير عدم تحققه وهو محال.

فإذا قلنا: الإنسان كاتبٌ -على جعل أل جنسية- فقد حكمنا بثبوت الكتابة على ما صدق عليه الإنسان قطعاً).

هنا إجمال، ما صدق عليه الإنسان، الذي هو أفراد الإنسان قطعاً هذا ظاهر اللفظ.

(لكن هذا المصدق) الذي هو الأفراد، الذي هو مصدق الإنسان.

(يحتمل كل الأفراد فيكون كلية، ويحتمل بعضها -بعض الأفراد- فيكون جزئية، والثاني) الذي هو بعض الأفراد (متيقَّن) واليقين لا يزول بالشك.

(والأول مشكوكٌ فيه، فحُمِل على المتيقَّن وأُلغي المشكوك وجُعلت في قوة الجزئية) هذا وجهُه وهذا محل وفاق عندهم (المهملة في قوة الجزئية).

قال: (والشخصيةُ في حُكم الكُلّيّة) الشخصية التي موضوعها شخصي .. مخصوصة هذه في حكم الكُلّيّة.

(هكذا اشتهر وصرّح به غير واحدٍ من المحققين) هكذا قال العطار.

(ولكنها غير معتبرة كالطبيعية) كما سيأتي في الطبيعية.

(والشخصية في حُكم الكُلّيّة) يعني: في معنى الكُلّيّة، ليس المراد أنها تصدق على ما لا يصدُق عليه الموضوع لا، وإنما المراد: أن المحمول حُمل على جميع مدلول الموضوع.

في الكُلّيّة ((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)) [آل عمران:١٨٥] ((ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)) هذا الخبر، يصدُق على جميع ما دل عليه ((كُلُّ نَفْسٍ)) على الجميع لا على البعض، إذاً: دل على الجميع.

زيدٌ كاتبٌ، كاتبٌ يُحمل على جميع ما دل عليه زيد، ففيه تشابه مع الكُلّيّة، في ماذا؟ في كونه لا يُستثنَى بعض الموضوع، فيبقى على ما هو عليه.

يَتأكد هذا في الآية التي ذكرناها ((وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ)) [الحاقة:١٧] قلنا: يحمِل هذا محمول، ثمانيةٌ هذا فاعل.

حينئذٍ هل هذه كُلّيّة أم جزئية؟ لا يستقل واحد، نقول: من الكل المجموعي.

هل هي كُلّيّة بمعنى الكل الجميعي .. جميع الملائكة، أم أنه خاصٌ بالثمانية؟ خاصٌ بالثمانية.

إذاً: ((وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ)) [الحاقة:١٧] ثمانيةٌ يحمِلون، هل يتبَعُ هذا المحمول -الذي هو الحملُ- كل فردٍ على انفراده؟ الجواب: لا، وإنما يصدق على المجموع. إذاً: صدَق على جميع ما دل عليه اللفظ وهو ثمانية، فلم يخرج عنه واحدٌ البتة، كذلك قيل هنا في الشخصية.

إذاً: (والشخصية في حُكم الكُلّيّة هكذا اشتهر عندهم، لكنها غير معتبرة كالطبيعية.

ولمَا تبين أن المهملة في قوة الجزئية، وكانت الشخصيات مما لا يُعتد بها في العلوم، صارت القضايا المعتبرة هي المحصورات الأربعة).

ما هي المحصورات الأربعة؟ الكُلّيّة بنوعيها: الإيجاب والسلب، والجزئية بنوعيها: الإيجاب والسلب. هذه المعتبرة هي التي عليها العمل إن شاء الله تعالى.

الكُلّيّة بنوعيها الإيجاب والسلب: كُلّيّةٌ سالبة، كُلّيّة موجَبة، جزئيةٌ سالبة، جزئية موجَبة.

أما المهملة فهي في قوة الجزئية، وأما الشخصية فهي في حكم الكُلّيّة. وكلاهما غير معتبرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>