للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذاً: التوجيه هنا حاصلٌ في كون اللفظ يُذكر مبيِّناً لكيفية النسبة، فإن ذُكر اللفظ حكَمنا على أنها موجَّهة، وأن هذا اللفظ جهة، ولذلك سُمّيت موجَّهة؛ لذكر الجهة فيها.

قال هنا: (وأنه كما لا بد للقضية من نسبة -كما مر- لا بد لها) أي: للنسبة (من كيفيةٍ في الواقع) يعني: في الخارج؛ لأن النسبة كما مر معنا هي أمرٌ ذهني.

قلنا: الإدراك للموضوع، ثم إدراكٌ للمحمول، ثم إدراكٌ للنسبة التي هي ارتباط الموضوع بالمحمول. هذا كلُّه في العقل.

حينئذٍ نقول: في الواقع لا بد له من دليل يدل عليه، فإن وُجد فهي التي تسمى بالموجَّهة؛ لأنها تعتني ببيان كيفية النسبة في الخارج.

(وتسمى مادة) أي: وعنصراً (باعتبار وقوعِها في الواقع.

وأما باعتبار حصولها في العقل فتسمى جهة) وعبارة القطب في شرح الشمسية: نسبة المحمول إلى الموضوع سواءٌ كانت بإيجابٍ أو سلبٍ لا بد لها من كيفية في نفس الأمر -وهو كذلك- كالضرورة واللا ضرورة، والدوام واللا دوام.

وتلك الكيفيات الثابتة في نفس الأمر تسمى مادةَ القضية، واللفظ الدال عليها في القضية الملفوظة أو حُكمَ العقل بأن النسبة مكيِّفة بكيفية في القضية المعقولة يسمى جهة.

يعني: اللفظ دال على. كما يقول: كل إنسان حيوان بالضرورة، بالضرورة اللفظ هذا كما سيأتي في الأنواع الأربعة، بالضرورة هو الذي نسميه جهة؛ لأنه دل على كيفية وقوع النسبة في الخارج، وهي أربعة أجزاء كما سيأتي.

قال هنا: ومتى خالفَت الجهةُ مادةَ القضية كانت كاذبة.

إذاً: (وتُسمى مادةً، فإن ذُكر لها لفظٌ يدل عليها فهي جهة) سُمّيت جهةً (وسُمّيت القضية موجَّهة).

قال هنا: (وهي إما ضرورية).

(وهي) أي: القضية الموجَّهة.

قال هنا: (كيفيات النسبة) هذه قاعدة وضابط لها.

(كيفيات النسبة كلُّها منحصرةٌ في الضرورة ومقابِلها) الإمكان.

(والدوامِ ومقابِله) عدم الدوام، هذه أربعة، ولذلك قيل هنا: أصول المادة أربعة: الضرورة أي: الوجوب .. المراد به الوجوب العقلي.

الثاني: الدوام.

الثالث: الإمكان.

الرابع: الإطلاق. أي: الحصول بالفعل.

هذا المراد بالموجَّهات هنا، اللفظ الذي يدل على الجهة وتسمى القضية بها موجَّهة واحدٌ من هذه الأربعة، وكلها أنواع .. سيأتي.

إما قولك بالضرورة، أو قولك بـ: دائماً مثلاً أو لا دائماً: إثباتاً ونفياً، أو بالإمكان: العام أو الخاص، أو الإطلاق أي: الإطلاق بالفعل. هذا يسمى أصول المادة الأربعة.

إذاً: لا بد للنسبة من صفة في الواقع، تسمى مادة وعنصراً، واللفظ الدال عليها جهة، والقضية المشتملة عليها موجَّهة، وأصول المادة أربعة:

الضرورة أي: الوجوب. هذا الأول.

الثاني: الدوام، الثالث: الإمكان، الرابع: الإطلاق أي: الحصول بالفعل.

ويستعمل المادة مشتقة من هذه الألفاظ: ضرورة .. بالإمكان العام .. بالإمكان الخاص .. دائماً .. مطلقاً .. إلى آخره، إن وَجدتَ هذه الألفاظ فاحكم بأنها موجَّهة كما سيأتي.

إذاً: كيفيات النسبة كلها منحصرةٌ في: الضرورة ومقابِلها، والدوام ومقابِله. هذه أربعة، وهي ترجع إلى ثلاثة أمور: وجوب وجود، وامتناعُه وهي الاستحالة، وإمكانٌ خاص وهو الجواز العقلي. وهذه الثلاثة هي أقسام الحُكم العقلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>