للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إذ يستحيل كونه في غير البحر -وهو البر- ويغرق) يستحيل كونه في البر ويغرَق، كيف يغرق هذا؟ يعني: أن لا يكون في مادة يمكن أن يَغرَق فيها ويَغرق؟ لا يمكن.

(فلا يرتفعان، ويجوز اجتماعُهما على الصدق، بأن يكون في البحر ولا يَغرق) ممكن؟ كيف ممكن؟ يكون في سفينة.

إذاً: مانعة خلوٍ يمكن أن يجتمعان، (زَيْدٌ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبَحْر، وَإِمَّا أَنْ لاَ يَغْرَقَ) إما أن يكون في البحر وألا يغرق، نعم يمكن أن يكون في البحر ولا يغرق .. يكون في سفينة، لكن: لا يكون في البحر ولا يغرق الارتفاع لهما هذا ممتنع.

قال: (إذ يستحيل كونُه في غير البحر وهو البر ويَغرق) فلا يرتفعان (ويجوز اجتماعهما على الصدق، بأن يكون في البحر ولا يَغرق).

قال هنا: قد يكون في البحر، وإما أن لا يغرق. نقيض يكون في البحر: لا يكون في البحر، بأن يكون في البر، وهذا أخص من لا يغرق؛ لصدقه بكونه في البحر في سفينة أيضاً فيجتمعان، ونقيضُ لا يغرق: يغرق وهذا أخص من: يكون في البحر لصدقه بكونه في سفينة أيضاً.

(قوله: إذ يستحيل كونه في غير البحر. تعليلٌ لكونها مانعة خلوٍ، وكونه في غير البحر نقيض يكون في البحر، ويغرق نقيض لا يغرق. وهذا تصويرٌ للخلو عن الطرفين الذي منعَتَه المنفصلة).

قال هنا: (وقولُه: بأن يكون في البحر ولا يغرق تصويرٌ لاجتماعهما في الصدق).

قال: (وسُمِّيت الأولى حقيقية) ما هي الأولى؟ مانعة الجمعِ والخلو.

(وسُمّيت الأولى حقيقية؛ لأن التنافيَ بين طرفيها أتمُّ منه في الأخيرين) لأنه يتعلَّق بالجمع والخلو معاً، تعلَّق بالطرفين.

يعني: عندنا جمع وعندنا خلو، اجتماع وارتفاع. ما تعلَّق بهما معاً لا شك أنه أخص، ما تعلَّق بأحد الطرفين دون الآخر سواءٌ كان خلواً أو جمعاً لا شك أنه مغايرٌ للسابق.

(وسُمّيت الأُولى حقيقية).

(الأُولى) أي: مانعة الجمع والخلو معاً (المركبة من نقيضين أو مساويين لهما حقيقية؛ لأن التنافيَ بين طرفيها –المقدم والتالي- أتمُّ منه في الأخيرتين) أي: مانعة الجمع فقط، ومانعة الخلو فقط.

(والثانية: مانعةَ جمعٍ) يعني سُمِّيت مانعةَ جمعٍ.

(لاشتمالها على منعِ الجمع بين طرفيها في الصدق) وهو واضح.

(والثالثة: مانعة خلوٍ لاشتمالها على منع الخلو بين طرفيها في الكذِب؛ إذ الواقع لا يخلو عن أحدهما) إما هذا وإما ذاك.

قال: (ومرادُهم بالبحر: ما يمكن الغرق فيه عادة من ماءٍ، بل من سائر المائعات لا البحر نفسه. فلا يتوهم اجتماع طرفين في الكذب بأن يكون زيدٌ في بئرٍ أو حوضٍ ويغرق) لأنه لا يَرِد هذا نقضاً.

قال رحمه الله تعالى: (وَقَدْ تَكُونُ المُنْفَصِلاَتُ) الثلاث (أي: كلٌ منها).

(وَقَدْ تَكُونُ المُنْفَصِلاَتُ) الثلاث أي: الحقيقية، ومانعةُ الجمع فقط، ومانعةُ الخلو فقط. الثلاث أي: كلٌ منها.

(ذَاتِ أَجْزَاءٍ) كما تكون ذات جزأين كما مر: العدد إما زوجٌ وإما فردٌ .. إما أن يكون في البحر وإما أن لا يغرق، دائماً يكون التقابل بين شيئين .. بين جزأين، هل تأتي من ثلاث وأربع وخمس وعشر؟ هذا محل البحث.

هل يُزاد الثالث والرابع والخامس؟ ولو زِيد هل تكون الزيادة حقيقية أم أنها في قوة الجزأين؟ هذا محل البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>