للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو قال: أقدِّر أن كل ناطقٍ ناهق .. لو قدَّر هكذا ورتَّب عليه قياس، يكون داخلاً في الحد؟ نعم. يكون داخلاً في الحد.

لو قال: (مَتَى سُلِّمَتْ) يعني: سلَّمها الخصم ولو من باب التنزُّل، فدخلت القضايا الكاذبة.

القضايا الكاذبة القياس يكون فاسداً، لكنه يدخل تحت الحد، وهذا كذلك يقال في القياس الفقهي هناك.

يعني: يكون القياس في ظنِّ المجتهد.

قال: (بقوله: مَتَى سُلِّمَتْ. إلى أن تلك الأقوال لا يلزم أن تكون مسلَّمة في نفسها) يعني: صادقة في نفسها مطابقةً للواقع.

(بل أن تكون بحيث لو سُلِّمت) أي: وإن كانت كاذبة.

(لزم عنها قولٌ آخر؛ ليدخل في التعريف القياس الذي مقدماتُه صادقةٌ -كما مر- والذي مقدماتُه كاذبة. كقولنا: كل إنسانٍ جماد، وكل جماد حمار.

فهذان قولان وإن كذَبا في أنفسهما إلا أنهما بحيث لو سُلِّما لزم عنهما أنَّ كل إنسان حمار؛ لأن لزوم الشيء للشيء كونُ الشيء بحيث لو وجِد وُجد لازمُه).

يعني: يدخل معنا القياس الكاذب، هذا مراده.

متى سُلِّمت تلك الأقوال بمعنى أنه لا يلزم أن تكون صادقة في نفسها مطابقة للواقع، بل متى ما اعتقد .. افترض ولو ذهناً عقلاً، ولو سفسطة أنها صادقة وبنا عليها لزِم عنه قولٌ آخر.

فحينئذٍ يكون هذا القياس بهذا النوع داخلاً في التعريف.

قال: (بل أن تكون بحيث لو سُلِّمت لزم عنها قولٌ آخر؛ ليدخل في التعريف القياس الذي مقدماتُه صادقة) وهذا هو الأصل.

(والذي مقدماتُه كاذبة) يعني: القياس الذي مقدماته كاذبة.

كل إنسان جماد كذِب، باتفاق هذا.

كل جماد حمار كذِب، كذِب في كذب كلُّه: المقدمة الصغرى والمقدمة الكبرى.

(فهذان قولان) المقدمتان (وإن كذبا في أنفسهما إلا أنهما بحيث لو سُلِّما) لو أراد أن يجعلهما قياس ويعتقد أن بينهما تلازم، وأَجرى قواعد الأشكال على هاتين المقدمتين (لزم عنهما أنَّ كل إنسان حمار) ولذلك كل إنسانٍ جماد وكل جماد حمار، الحد الأوسط جماد، هو محمولٌ في الصغرى موضوعٌ في الكبرى.

قال: (لزم عنهما أن كل إنسانٍ حمار؛ لأن لزوم الشيء للشيء) الشيء الأول لازم، والشيء الثاني ملزوم.

(كونُ الشيء) الملزوم (بحيث لو وُجِد) الشيء الملزوم (وُجد لازمه) كوجود الأربعة .. وجود الشيء الأربعة وُجد لازمُه الذي هو الزوجية، وحينئذٍ يلزم منه.

(وإن لم يوجدا في الواقع.

وإنما قال -المصنف في تعريف القياس-: مِنْ أَقْوَالٍ. ولم يقل من مقدمات؛ لئلا يلزم على قول مقدِّمات الدور) لئلا يلزم الدور.

(لأنهم عرَّفوا المقدمة بأنها ما جُعلت جزء قياس، فأخذوا القياس في تعريفها، فلو أُخذت هي أيضاً في تعريفه لزم الدور) ما هو العِلم؟ إدراكُ المعلوم، ما هو المعلوم؟ مشتقٌ من العلم.

اعرف أولاً العِلم ثم تعرف المعلوم، كيف نعرف العلم؟ هو إدراك المعلوم، وتبقى هكذا.

هذا كذلك: ما هي المقدِّمة؟ جزء قياس، قال هنا: (ما جُعلت جزء قياس) ما هو القياس؟ قولٌ مؤلَّف من مقدمين أو من مقدمات، ما هي المقدمة؟ ما جُعلت جزء القياس. هذا يسمى دوراً يعني: كلٌ منهما ينبني على الآخر لا يمكن عِلمُه، تبقى في دوامه.

ففراراً من الدور عبَّر بالأقوال.

قال: (لزِم الدور) أي: لتوقُّفش كلٍ منهما على الآخر بأخذِه في تعريفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>