للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقي التصور الرابع: هل وقع بالفعل في الخارج قيام زيد أو لا؟

إدراك الرابع هذا يسمى تصديقاً، فزيدٌ قائمٌ يمكن أن يقول قائل: زيدٌ مسافرٌ وهو معنا الآن، حينئذٍ نقول: إدراك عدم سفر زيد نقول: هذا يسمى تصديقاً، ولو لم يكن مطابقاً للواقع.

إدراك ثبوتِ سفر زيدٍ في الواقع "يعني: بالفعل" فحينئذٍ نقول: هذا يسمى تصديقاً.

هذه النسبة تسمى النسبة الخارجية التي هي مورِد الإيجاب والسلب.

والفائدة اللغوية: أن الجملة لها مدلول: لها معنى ولها حُكم، إذا قلت: زيدٌ قائمٌ فحينئذٍ زيدٌ قائم مبتدأ وخبر، تصورت أولاً الموضوع .. المعنى بزيد المراد، تصورت قائم، تصورت العَلاقة بينهما، فحينئذٍ بقي مدلول الجملة.

كيف نأتي بمدلول الجملة؟

إذا كنت أنت تسمع فلا تحتاج إلى التعبير، وإنما إذا أردت أن تصف لغيرك فحينئذٍ لا بد من التركيب.

الضابط عند النحاة: أنك إذا أردت أن تعبِّر عن مضمون الجملة يعني: معنى الجملة كيف نعبِّر عنه؟ ما الذي نقول أدركناه من الجملة؟

نقول: زيدٌ قائمٌ، المحمول إما أن يكون مشتقاً أو جامداً، إذا قيل: الاشتقاق يقابله الجمود.

فحينئذٍ إذا كان المحمول مشتقاً يعني له مصدر، والمشتقات سبعة كما هو المشهور عند النحاة.

فحينئذٍ تأتي بمصدر ذلك المشتق .. تتصيده من نفس المشتق، قائمٌ مصدره قيام، حينئذٍ تأتي بالقيام الذي هو مصدر المحمول، وتُضيف إليه المحكوم عليه "الذي هو الموضوع" فتقول: قيامُ زيدٍ، كيف جاء قيامُ زيدٍ؟

نقول: قيام زيدٍ نظرتَ إلى المحمول فإذا به مشتق، فأخذتَ المصدر وأضفتَه إلى الموضوع فقلتَ: قيامُ زيد.

هذا يسمى مضمون ومدلول ومعنى ومفهوم الجملة، هذا إن كان مشتقاً.

فإن كان جامداً كقولك: زيدٌ أسدٌ. كيف تأتي بمضمون الجملة؟ أسد هذا ليس بمشتق، إذاً: ليس عندنا مصدر.

قالوا نأتي بالكون، الكون الذي هو مصدر كان الناقصة "وَكَونُكَ إِيَّاهُ عَلَيْكَ يَسِيرُ" إذاً لها مصدر.

بِبَذْلٍ وَحِلْمٍ سَادَ فِي قَوْمِهِ الْفَتَى ... وَكَونُكَ إِيَّاهُ عَلَيْكَ يَسِيرُ

إذاً: كان الناقصة لها مصدر.

قالوا: نأتي بالكون نُضيفه إلى الموضوع، ونأتي بالمحمول منصوباً على أنه خبرٌ لكان، تقول: كونُ زيدٍ، مثل قيامُ زيد، لكن لم تأتِ بقيام لأنه ليس عندنا مصدر.

إذاً: زيد في الموضعين يكون مضافاً إليه، سواء كان للمصدر في باب الاشتقاق أو للكون في باب الجمود إذا كان المحمول جامداً، فتقول: كونُ زيدٍ أسداً. جئت بأسد على أنه منصوب؛ لأن كان وما اشتُق منها تعمل عمل الأصل.

وَغَيْرُ مَاضٍ مِثْلَهُ قَدْ عَمِلاَ ... إِنْ كَانَ غَيْرُ الْمَاضِ مِنْهُ اسْتُعْمِلاَ

فحينئذٍ: كونُ زيدٍ أسداً، هذا هو المشهور عند كثير من النحاة ومن المناطقة.

بعضهم يرى أنك تأتي بالمصدر الصناعي وهو أن تنظر إلى الجامد هذا أسد مثلاً، وتضيف إليه ياء مشددة وتاء التأنيث تقول: أسديّةُ زيدٍ.

إذاً: مضمون "زيدٌ أسدٌ" أسديّةُ زيدٍ، أو: كونُ زيدٍ أسداً.

مضمون "زيدٌ قائم" قيامُ زيد.

"زيدٌ عالم" علمُ زيدٍ .. وهكذا، هذا يسمى مضمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>