للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(على تمام ما) أي: المعنى الذي (وُضِع) ذلك اللفظ.

(له) لذلك المعنى (بالمطابقة) يعني: بدلالة تسمى دلالة المطابقة.

إذاً: (يدل) ذلك اللفظ (بتوسط الوضع) لأنا قلنا الباء هنا في قوله: بالوضع سببية. إذاً: بسبب الوضع، فالواسطة بينهما هو الوضع.

(على تمام) يعني: لا بعض.

(مَا) أي: المعنى الذي (وُضِعَ لَهُ) وضع ذلك اللفظ له (بِالمُطابَقَةِ).

(وُضِعَ) بضمٍ فكَسْر، نائب فاعله ضمير اللفظ .. وضع هو أي: اللفظ.

(لَهُ) لذلك المعنى، ولم يُبرزه المصنف مع جريانه على غير ما هو له لأمن اللبس.

والأصل أن يقول: (مَا وُضِعَ) هو أي: اللفظ.

(لَهُ) أي: لذلك المعنى.

لم يكتفِ بقوله: (مَا وُضِعَ) مع أن ما وُضع له لا يصدق إلا على تمام ما وضِع له. يعني: زاد الشارح هنا لفظاً، صاحبُ الأصل قال: (يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ مَا وُضِعَ لَهُ بِالمُطابَقَةِ).

قوله: (تَمَامِ) هل هي من باب التأكيد أو للاحتراز؟

قلنا: (عَلَى تَمَامِ) يعني: لا على بعض. هل هي للاحتراز لا بد منها، أم أن ما وضع يكفي؟

نقول: الأصل أن ما وُضِع يكفي؛ لأنه إذا أُطلق اللفظ بأنه استُعمل فيما وُضِع له، الأصل فيه حملُه على كماله.

حملُ اللفظ على بعض ما وُضِع له هذا خلاف الأصل، ولذلك لا نقول بأن الدلالة -دلالة التضمن- مرادة في لفظٍ ما إلا إذا دلّت قرينة، وإلا الأصل أن يُحمل اللفظ على تمام ما وُضِع له.

قال هنا: (لم يكتفِ بقوله: ما وُضِع مع أن ما وُضِع له لا يصدق إلا على تمام ما وُضِع له قصداً إلى التأكيد).

إذاً: من باب التوكيد لا من باب الاحتراز.

(أو رعايةً لما يقتضيه حسن التقابل بجزء) يعني: بجزء ما وُضِع له فيما سيأتي؛ لأنه قال: وعلى جزئه.

إذاً: (تَمَامِ مَا وُضِعَ) حصل من باب التقابل والمشاكلة فقط في التصنيف.

(بحسب العرف ولم يقل على جميع ما وُضِع له "كما قال بعضهم" للإشعار بالتركيب، فلا يشمل الدلالة على البسيط).

قال: (بِالمُطابَقَةِ) أي: بدلالة تسمى مطابقة، لماذا سُمِّيت دلالة مطابقة؟

قال: (لمطابقته) مطابقة المدلول (أي: موافقتِه له) للفظ حصل تتطابق يعني: توافق.

توافق بين ماذا؟ بين الدال "الذي هو اللفظ" والمدلول، بحيث الذي يُفهَم من اللفظ هو عينُ ما وُضِع اللفظ له.

بحيث ما يُفهَم من اللفظ "الذي يفهمه السامع سواءٌ كان اللفظ مركباً أو مفرداً" هو عين "يعني: نفس" ما وُضِع اللفظ له، لا يزيد المعنى عن اللفظ ولا اللفظ عن المعنى، إنما يكون بينهما مطابقة، ولذلك قيل: (من قولهم: طابق النعلُ النعلَ) كيف طابق النعل النعل، كيف وافقَه؟

حصل تساوي يعني: النعل هكذا يكون، ما تكون واحدة طويلة وواحدة قصيرة، فالنعل دائماً يكونان متساويين.

حينئذٍ (طابق النعل النعل) تطابقا، ولذلك الإنسان يستدل على أن خللاً حصل بعدم التطابق، كذلك اللفظ والمعنى يتطابقان، لا يزيد أحدهما عن الآخر.

قال: (لمطابقته) أي: موافقتِه (له) أي: المعنى للفظ.

(من قولهم: طابق النعلُ النعلَ إذا توافقتا) إذاً: هذا النوع الأول وهو دلالة المطابقة.

دلالة اللفظ على تمام ما وُضِع له، قالوا: كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>