للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذاً: اللفظ إن كان له معنى مركباً واستُعمل اللفظ مراداً به بعض أو جزء هذا المعنى، تسمى الدلالة دلالة تضمن. ولذلك يُمثَّل له عند المناطقة بالأربعة وبالإنسان.

دلالته على الأربعة مطابَقة، يعني: إذا عندك أربعة أشياء وقلت: هذه أربعة، أربعة أصابع نقول: هذا مطابقة؛ لأن اللفظ طابق ما وُضِع له، هذا الأصل.

لو استعملت دلالة الأربعة على الواحد: تضمُّن، على الاثنين: تضمُّن، على الثلاثة: تضمُّن.

ولذلك قال الشيخ الأمين في المقدمة: لو قال قائل: عندي أربعة. فقال له: أعطني واحداً قال: ما عندي. أنا قلت أربعة ما قلت واحد، صح نفيه؟ ما صح نفيه.

نقول له: لا. أنت قلت: عندي أربعةُ "مليارات مثلاً" أعطني واحداً، قال له: أنا ما قلت واحد أنا قلت عندي أربعة.

قال: دلالة الأربعة على الواحد بدلالة التضمن، فهو داخل تحتها، فالذي عنده أربع عنده واحد وعنده اثنان وعنده ثلاثة.

قال هنا: (إِنْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ) هذا شرط. (إن) بالكسر ..

(إِنْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ) يعني: إن كان المعنى له جزءٌ، بمعنى أن يكون المعنى مركباً، ولذلك قال: بخلاف البسيط كالنقطة، النقطة مسماها النقطة لا تتجزأ.

حينئذٍ لا تستعمل دلالة التضمن فيها، يعني: دلالة التضمن ليست لازمة لدلالة المطابقة؛ لأن دلالة المطابقة قد يكون معناها بسيطاً لا يتجزأ وهي مطابَقة، فتنتفي في هذا الموضع دلالة التضمن، وقد تكون دلالة المطابقة تدل على شيءٍ مركَّب، حينئذٍ نقول: دلالة التضمن توجد في مثل هذه التراكيب ولذلك قال: (إِنْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ) يعني: المعنى الذي دل عليه اللفظ وكان المعنى يتجزأ يتبعَّض، حينئذٍ يصح استعمال اللفظ في بعض المعنى دون بعضه الآخر، ونسمي هذه الدلالة دلالة تضمن، بخلاف البسيط كالنقطة.

قال: البسيط هنا بالمعنى المقابل للتركيب اللفظي لا للتركيب الطبيعي، ولو قال بخلاف المفرد لكان أولى، لكن ليس كل مفردٍ يكون معناه بسيطاً، قد يكون وقد لا يكون.

قال: (وَعَلَى مَا يُلاَزِمُهُ) هذا النوع الثالث: دلالة اللفظ (عَلَى مَا يُلاَزِمُهُ) يعني: واللفظ الدال بالوضع.

يدل باعتبار وضعه لتمام ما وُضِع له (عَلَى مَا) أي: المعنى الذي (يُلاَزِمُهُ) يلازم اللفظَ ذلك المعنى، فاعله المستتر عائدٌ على ما، ومفعولُه البارز ضمير المعنى الذي وُضِع اللفظ له.

قال: (وَعَلَى مَا يُلاَزِمُهُ) على المعنى الذي يلازمه أي: ما يلازم (مَا) أي: المعنى الذي وُضِع له اللفظ.

عرفنا فيما سبق اللفظ (يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ مَا وُضِعَ لَهُ) دلالة مطابقة، اللفظ يدل على جزء المعنى الذي وُضِع له.

هنا لا يدل على المعنى، وإنما يدل على شيءٍ خارجٍ عن المعنى لازمٍ لهذا المعنى، مثلاً مر معنا الأربعة تدل بالمطابقة على الأربعة .. العدد، تدل بالتضمن على الواحد والاثنين .. إلى آخره.

الأربعة عدد زوجي يعني ينقسم على اثنين، العدد إما فردٌ وإما زوجٌ لا ثالث لهما. الفردية لازمةٌ للعدد كالثلاث، والزوجية لازمة للعدد كالأربعة، لكنها هل هي داخلة في مفهوم اللفظ؟ الجواب: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>