للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذاً: ذات العين عمياء وهي مبصِرة، لكنه لا في الخارج وإنما يكون في الذهن، هذا يسمى لازماً ذهنياً فقط ولا وجود له في الخارج البتة؛ لأن بينهما معاندة، يتعاندان إذا وُجد العمى ارتفع البصر، وإذا وُجد البصر ارتفع العمى.

حينئذٍ لا يمكن أن يُفهَم معنى العمى إلا بفهم معنى البصر؛ لأن البصر جزءٌ من مدلول العمى، وهو مركب إضافي.

قال: (كَالْإِنْسَانِ. فَإنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الحَيَوَانِ النَّاطِقِ بِالمُطَابَقَةِ، وَعَلَى أَحَدِهِمَا) أي: الحيوان أو الناطق (بِالتَّضَمُّنِ).

(وَعَلَى قابِلِ التَّعَلُّمِ) يعني: الإدراك المطلق.

(وَصَنْعَةِ الْكِتَابَةِ) صنعةٍ هي الكتابة الإضافة للبيان (بِالاِلْتِزَامِ).

هذا مثال واحد جمَع فيه أنواع الدلالات الثلاث:

الدلالة الأولى: المطابقة وهي دلالة اللفظ على تمام ما وُضِع له اللفظ، واللفظ –الإنسان- وُضِع لحيوان ناطق فأُطلق الإنسان وأُريد به الحيوان الناطق، هذه دلالة مطابقة.

و (بِالتَّضَمُّنِ) أي: وعلى أحدهما.

يعني: الناطق فقط أو الحيوان فقط، هذه دلالة تضمن، ولذلك قال: (بِالتَّضَمُّنِ).

(وَصَنْعَةِ الْكِتَابَةِ بِالاِلْتِزَامِ).

والمراد هنا (وَصَنْعَةِ الْكِتَابَةِ) يعني: القابلية، كل إنسان قابل ولو كان أُمِّياً هو كاتب بالقوة لا بالفعل، الوصف للشيء قد يكون بالفعل يعني: يكتب، وقد يكون بالقوة يعني: لو تعلَّم قبِل.

إذاً: الإنسان من حيث هو يقبل الكتابة، كما أنه يقبل الكلام، ولذلك هو متكلم ولو كان أخرس.

تنبيه: معنى اللزوم عدمُ الانفكاك؛ لأن اللازم عند المناطقة في هذا الموضع فيه تفصيل، والتفصيل كالآتي:

معنى اللزوم: عدم الانفكاك، كما ذكرنا سابقاً.

قال: فإن لم يحتج لدليلٍ يعني: لا يحتاج إلى إثبات، إذا قيل: الشيء لازمٌ للشيء، قد يحتاج لدليل وقد لا يحتاج.

لا يحتاج لدليل كالزوجية للأربعة؛ لأنه كالشمس في السماء، إيضاحُ المُوضَحات من أَشكَل المُشكِلات، فلا يحتاج إلى دليل.

قال: فإن لم يحتج لدليلٍ فبيِّن .. يسمى بيّناً، لازماً بيِّناً .. واضح.

وإن احتاج له "للدليل" كلزوم الحدوث للعاَلم بفتح اللام فغير بيِّن.

يعني: ما احتاج لدليلٍ غير بيّن، وما لم يحتج لدليلٍ فهو بيّن.

إذاً: اللازم ينقسم إلى نوعين باعتبار الاحتياج للدليل أو لا، هل يحتاج إلى إثبات أو لا، هل كل من ادعى أن هذا الشيء لازمٌ لشيءٍ ما يحتاج إلى إثبات؟ لا. قد يكون واضحاً كالشمس فلا يحتاج إلى إثبات، وقد يحتاج إلى إثبات، ما لا يحتاج يسمى بيّناً والتسمية واضحة.

وما يحتاج يسمى غير بيِّن يعني: ليس واضحاً بذاته.

(وإن كفى في جزم العقل به تصوُّر الملزوم فهو أخص).

البيّن نوعان: بيِّنٌ أخص وبيّنٌ أعم.

(إن كفى) كما قال هنا: (وإن كفى في جزم العقل به تصوُّر الملزوم) يعني: دون اللازم، تصور الملزوم الأربعة فقط، دون اللازم. هذا يسمى أخص.

(وإن توقف على تصور الملزوم ولازِمه –طرفين- فهو أعم).

<<  <  ج: ص:  >  >>