للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني ممن يرث السدس: الأم (وَهَكَذَا الأُمُّ) أي والأم مثل هذا، والإشارة تكون للأب، والأب يستحقه ماذا؟ يستحقه مع الولد، كذلك الأم تستحق السدس مع الولد مطلقًا ذكرًا كان أو أنثى، واحدًا أو متعددًا، قريبًا أو بعيدًا. إذًا قوله: (وَهَكَذَا الأُمُّ) يعني الأم مثل هذا، مثل ذا الذي هو الأب، فالأب يستحق السدس مع الولد، وكذلك الأم تستحق السدس مع الولد، وله زيادة سيأتي توضيحها. (وَهَكَذَا الأُمُّ) تستحق السدس بشرط واحد وهو وجود الفرع الوارث، وسيزيد عليه وجود الجمع من الإخوة، (مَعَ الْوَلَدْ) ذكرًا كان أو أنثى واحد أو متعددًا. قال: (بِتَنْزِيْلِ الصَّمَدْ). هذا في المسألتين يعني الأب يستحق السدس (بِتَنْزِيْلِ الصَّمَدْ) والأم تستحق السدس (بِتَنْزِيْلِ الصَّمَدْ)، (بِتَنْزِيْلِ الصَّمَدْ) ما هو؟ القرآن، الصمد اسم من أسمائه جل وعلا (تَنْزِيْلِ) هذا مصدر نَزَّلَ يُنَزِّلُ تَنْزِيلاً، وهو مضاف، والصمد مضاف إليه وهو من إضافة المصدر إلى فاعله، تنزيل الصمد من الذي نزل الحكم؟ الله عز وجل، حينئذٍ نقول: هذا من إضافة المصدر إلى فاعله (بِتَنْزِيْلِ الصَّمَدْ) أي حال كون استحقاق كل من الأب والأم للسدس مع الولد ثابتًا (بِتَنْزِيْلِ) هذا حال، وهو متعلق بمحذوف حال ثابتًا (بِتَنْزِيْلِ الصَّمَدْ) فهو راجع لهما في المسألتين الأب والأم. و (الصَّمَدْ) من أسمائه جل وعلا ومعناه: الذي لا جوف له، أو الذي يقصد في الحوائج ونحو ذلك مما ذكره السلف، وهي معاني خمسة أو ست كلها ثابتة، كلها يشملها هذا اللفظ. (بِتَنْزِيْلِ الصَّمَدْ) جل وعلا في كتابه العزيز، هذا دليل استحقاق الأبوين للسدس بشرط المذكور. قال تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١]. {وَلِأَبَوَيْهِ} المراد بهما الأم والأب، وإنما غلب الأب على الأم لشرفه، أبوبين يعين أبوان أب وأب هذا إذا جرينا على الظاهر، ولكنه ملحق بالمثنى وليس بمثنى، كالقمرين المراد بها الشمس والقمر، إذًا ليس قمر وقمر. إذًا أبوين ليس المراد بهما أب وأب، لأن الشخص لا يكون له أبوان، وإنما هو أب واحد حينئذٍ نقول: {وَلِأَبَوَيْهِ} يعني لأبيه وأمه، الأب والأم، وثناه تغليبًا يعني الأب على الأم لشرفه {وَلِأَبَوَيْهِ} إيش إعراب {وَلِأَبَوَيْهِ} السدس لأبويه، لأَبويه السدس خبر مقدم لأبويه جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كائن ثابت لأبويه {السُّدُسُ} هذا مبتدأ مؤخر، السدس لأبويه قوله: {لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} لأبويه لكل هذا جار ومجرور بدل من الجار والمجرور لأن قوله: {وَلِأَبَوَيْهِ}، {السُّدُسُ} هذا يحتمل ماذا؟ يحتمل أنهما شركاء في سدس واحد، إذا قيل لأبويه السدس {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} كما سبق فيحتمل أن السدس واحد، والأب والأم شركاء وليس المراد ذلك، وإنما المراد الأب له سدس مستقل، والأم لها سدس مستقل، ولذلك قال: {لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا}. هذا دفع لإيهام الاشتراك في السدس لقوله: {وَلِأَبَوَيْهِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>