جعل الله - سبحانه وتعالى - إبراهيم الأب الثالث للعالم، فإن أبانا الأول آدم، والأب الثاني نوح، وأهل الأرض كلهم من ذريته، كما قال تعالى:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}[الصافات:٧٧].والأب الثالث إمام الحنفاء الذي اتخذه الله خليلاً، وجعل النبوة والكتاب في ذريته، ذاك خليل الرحمن.
ولم يأمر الله رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يتبع ملة أحد الأنبياء غيره، فقال تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين}[النحل:١٢٣]، وأمر أمَّتَه بذلك فقال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ}[الحج:٧٨].
وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يوصي أصحابه - رضي الله عنهم - إذا أصبحوا أن يقولوا:«أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ». (صحيح رواه الدارمي وغيره).