لما كان أكثر الناس أهل معاصي وذنوب كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل، فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات وعذاب.
ظواهرها بالتراب والحجارة مَبْنيات، وفي بواطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها، ويحق لها وقد حيل بينها وبين شهواتها وأمانيها.
تالله لقد وَعَظَتْ فما تركت لواعظ مقالاً، ونادت: يا عُمار الدنيا لقد عمرتم داراً موشكة بكم زوالا، وخزيتم داراً أنتم مسرعون إليها انتقالا، عمرتم بيوتاً لغيركم منافعها وسكناها، وخربتم بيوتاً ليس لكم مساكن سواها، هذه دار الإستباق ومستودع الأعمال وبَذْر الزرع، وهذه محل للعير، رياض من رياض الجنة أو حفر من حفر النار. إنتهى.
وإذا كان هذا شأن القبور ووعظها فما الظن بما آلت إليه أحوال