للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤيد بدعته، إذن لم تثبت لك ثقة هذا الراوي، وقد حكمت قبل ذلك بأنه ثقة فهذا القول ضعيف وليس بصحيح وهذا ما يتعلق بمسألة العدالة ... ].

وقال أبو بكر كافي في رسالته منهج "الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها من خلال الجامع الصحيح" (ص/١٠٣: ١٠٦) بعد أن عرض الأقوال الخمسة التي وقف عليها في حكم الرواية عن أهل البدع: [بعد أن سردت أقوال الأئمة ومذاهبهم في الرواية عن أهل البدع والأهواء، فقد تبين أن مذاهبهم متباينة جداً. امتزجت فيها أقوال المحدثين بآراء علماء الكلام والأصول. فلا بد من استجلاء الموقف العملي للمحدثين من خلال مصنفاتهم، ومن هؤلاء الإمام البخاري - رحمه الله - فكيف تعامل مع روايات أهل البدع في صحيحه؟

إذا تأملنا رجال البخاري - رحمه الله - نجد جملة كبيرة منهم قد رموا ببدع اعتقاية مختلفة وقد أورد الحافظ في " هدي الساري " (١) من رمي من رجال البخاري بطعن في الاعتقاد فبلغوا (٦٩) راوياً، ومن خلال التتبع لهؤلاء الرواة يمكن أن نستخلص المعايير التي اعتمدها البخاري في الرواية عن أهل البدع ويمكن أن نجملها في النقاط التالية:

- ... ليس فيهم من بدعتهم مكفرة.

- ... أكثرهم لم يكن داعية إلى بدعته، أو كان داعية ثم تاب (٢).

- ... أكثر ما يروي لهم في المتابعات والشواهد.

- ... أحياناً يروى لهم في الأصول لكن بمتابعة غيرهم لهم.

- ... كثير منهم لم يصح ما رموا به.

إذن فالعبرة إنما هي صدق اللهجة، وإتقان الحفظ، وخاصة إذا انفرد المبتدع بشيء ليس عند غيره.

وما ذهب إليه البخاري هو مذهب كثير من المحدثين، ومن هؤلاء تلميذه وخريجه الإمام مسلم، فقد روى في صحيحه عن أهل البدع والأهواء المعروفين


(١) - هدي الساري (ص/٤٨٣ - ٤٨٤).
(٢) - انظر ترجمة: عمران بن حطان في هدي الساري ص٤٠٤، وترجمة شبابة بن سوار في الهدي ص٤٦٩، وترجمة: عبد الحميد بن عبدالرحمن الحماني في الهدي ص٤٣٧.

<<  <   >  >>