للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويا ترى [نظريتك] هذه كيف فاتت أحبار اليهود الذين أسلموا، كعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ومن أسلم من النصارى أو قارب، كالنجاشي وأصحابه، وهرقل وغيرهم. كلَّا والله، لم يفُتْهُم، وإنَّما كانوا ينظرون ببصائر سليمة.

ومع هذا فأقول مستعينًا بالله تعالى، مستمدًّا من كلام الإمام ابن حزم رحمه الله (١).

وأمَّا إيرادك لقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ} [الإسراء: ٥٩]، وقوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} الآية [العنكبوت: ٥٠ - ٥١] = مستدلًّا بهما على أنَّها لم تكن لمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم آيةٌ غير القرآن، فهذا نظرٌ غير صحيح.

فإنَّ قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ} لا يقتضي أنَّه لم يرسل آية أصلًا؛ فإنَّ "أل" في الآيات عهديَّةٌ (٣)، أي: الآيات التي سألها أهل مكَّة، من قلب الصفا ذهبًا ونحوه، كما فسَّره ابن عباس وغيره (٤).


(١) تصرَّف المؤلِّف رحمه الله في الاستمداد من كلام ابن حزم كما أشار ههنا، وسأكتفي بالإحالة لمواضع كلامه من "الفِصَل".
(٢) في الأصل: (وإذا لم تأتهم آية قالوا لولا أنزل عليه آية).
(٣) يُنظَر: "الفِصَل" لابن حزم (١/ ١٩٣).
(٤) يُنظَر في ذلك: "الدُّر المنثور" للسيوطي (٩/ ٣٨٥ - ٣٨٨).

<<  <   >  >>