رأيت هذه الشبهة الضعيفة أقوى شيءٍ يتبعه العاقل ويتَّخذه دينًا، حتى وجدتها أقوى من القرآن وما معه!
ليتك راجعت التوراة والإنجيل هذه المزيَّفِين المبدَّلين، لنقف على ما أعمى الله عنه أولئك الأنذال، في الفصول التي ترجَّح أن تكون بشارة بمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فإنَّها كثيرة. ومع هذا فقد عرفت ما في هذه الكتب من الكذب والمناقضات، وأنَّ مؤلِّفي الأناجيل كذَّابون، لا يصحُّ [أخذ] دينٍ منهم، ولا يصحُّ إطلاق الحواريين عليهم، وإن لم نعلم أسماءهم الآن.
سبحان من وسع كل شيءٍ علمًا، ونعوذ به من الخذلان، ونبتهل إلى الله تعالى أن يثبِّت قلوبنا على الإيمان، ويختم لنا بالإحسان.
[ص ١٧] ثم أخذ هذا المخذول يتخبَّط في خيالات واهية، إلى أن قال:"فلِمَ لَمْ يكذِّب القرآنُ التوراة والإنجيل"؟
فنقول: يا مخذول، أي شيء مسمَّى التوراة والإنجيل في الحقيقة؟ أليس هو الكتابَيْن المنزَّلَين من الله تعالى؟ لا شكَّ في ذلك.
وقد بيَّنَّا لك بما سبق أنَّ ما بأيدي القوم من قبل بعثة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مبدَّلٌ مغيَّرٌ، قد اختلط فيه الحق بالباطل.
وأمَّا قوله تعالى:{قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا}[آل عمران: ٩٣]؛ فسمَّى ما بأيديهم "التوراة" لاشتماله على شيءٍ منها، من جملته الشيء المسوقةُ الآيةُ لبيانِهِ، مع أنَّهم كانوا يسمُّون ذلك السِّفْر بالتَّوراة ويزعمون أنَّه التَّوراة.
إلى أن قال:{يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ}[آل عمران: ٤٥]، لِمَ كانت البشارة خلاف [المعتاد]؟