للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أظنك كنت في ضيق شديد وأنت تري هذا كله، وترى كذلك آلات الذبح وهي تعد أمامنا للقضاء على المسلمين، ومحو هويتهم والإفساح للمشروع الصهيوني ليهيمن على مقدراتنا.

وكأني أشعر بك وأنت ترى نفسك مكبل اليدين لا تستطيع أن تفعل شيئا لإخوانك المسلمين المضطهدين في العديد من بلدان العالم.

[لماذا نحن؟!]

لعلك يا أخي تساءلت كما تسائلنا: لماذا يحدث لنا هذا كله؟

لماذا تتكاثر الجراح وتزداد في جسد أمتنا عاماً بعد عام؟

أين أثر الدعاء الذي ندعوه ليل نهار؟! لماذا يتركنا الله هكذا تستباح حرماتنا وينتهك شرفنا؟

أليس هو القائل - سبحانه - {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: ١٤١] فلماذا سمح لهؤلاء الكفار بأن يذيقوننا سوء العذاب؟!

لماذا لم يكف بأسهم عنا وهو القادر المقتدر .. ألم يقل سبحانه {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: ١١].

لماذا يتركنا فريسة لإخوان القردة والخنازير يفعلون بنا ما يريدون .. يذبحون أبنائنا ويستحيون نسائنا ويهدمون بيوتنا.

أسئلة كثيرة يتساءلها المسلمون هنا وهناك ويريدون لها إجابة .. فبماذا أجاب القرآن، وهو كما قال عنه عز وجل: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: ١٠].

[القرآن يجيب]

أفاض القرآن في الإجابة عن تلك الأسئلة التي تموج في أذهاننا، وبيّن لنا بما لا يدعو مجالاً للشك أن هناك سنن وقوانين تحكم هذه الحياة، من استوفى شروطها طبقت عليه، فمن يرد السعادة فطريقها قوله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: ١٢٣] ومن يترك طريقها يطبق عليه قانون المعيشة الضنك {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: ١٢٤].

فإذا ما بحثنا عن القوانين والسنن التي تجلب لنا العقوبات فسنجدها كثيرة، وتدور أسباب استدعائها حول تقصير العباد في حق ربهم، وارتكابهم ما يغضبه، كقوله تعالى {وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [النحل: ٩٤] وقوله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [الأنفال: ٥١] وقوله {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥].

فما يحدث لنا من ذل وهزائم، ما هي إلا عقوبات إلهية نعاقب بها كنتيجة طبيعية لما أحدثناه من تضيع لأوامر الله، وفعل ما يغضبه، ولا ينبغي لمن وقع في المخالفة أن يستغرب العقوبة، فإن كنت في شك من هذا فانظر إلى مظاهر الفسق والفجور والعصيان التي تمتلئ بها شوارعنا، وانظر إلى ما تبثه الفضائيات ليل نهار من فحش ورزيلة.

نتعامل بالربا، والرشوة، والغش، والظلم.

نتقاعس عن نصرة المستضعفين من المسلمين في كل مكان ..

فهل تظن بعد ذلك كله أن ينصرنا الله عز وجل ..

هل تظن أن يحمينا الله من بطش أعدائنا ونحن قد تركنا دينه، وخنا أمانته؟!

[أصابنا الوهن]

لقد كنا في الماضي أقوى أمة على ظهر الأرض .. كان الكل يعمل لنا ألف حساب، ثم تراجعنا شيئاً فشيئاً إلى الوراء، أصبحنا في ذيل الأمم .. أتدري لماذا؟

<<  <   >  >>