فإن الافتراق السني الشيعي الذي غرسه اليهود، وسقته دماء كربلاء والجمل وصفين، لم يزده الزمن إلا تنافرا في طرفيه وتباعدا في شقيه، خصوصا من طرف الشيعة الذين ما فتئوا يغذون هذه الأحقاد ويربون عليها صغارهم، وما برحوا يقيمون المناوح والمنادب، يشقون الجيوب ويلطمون الصدور والخدود، ويتوعدون ويتهددون، ويحلقون ويصلقون، فيتربى صغيرهم وسط البكاء والعويل، ويألف مشهد الدماء، ويتغنى بالانتقام، ويحلم بالثأر، وتتشرب نفسه العداء.
ولقد شاع في زماننا التشيع وذاع، وأجلب بخيله ورجله على المسلمين في جل البقاع، متخذا من التقية قناعا، ومن الانتساب لأهل البيت وشاحا ورداءً، فتعلق به من تعلق حبا في العترة الطيبة، أو تحت تأثير سحر وسائل الإعلام الخبيثة، ومكنت لهم دولتهم ما مكنت من الظروف، وهيأت لهم بعض القوى العالمية تسنم مقاليد الحكم في بعض الدول، واجتمع لهم ما لم يجتمع من الأسباب المادية والمعنوية من قبل، فتجرؤوا على نشر مذهبهم في أوساط المسلمين، وجاهروا بما كان مخفيا عبر الزمن بعقيدة التقية، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق، وشوشوا على المسلمين في دينهم، وشككوا بعضهم في كتابهم وسنة نبيهم، وخيرة قرن من قرونهم.