ولقد كنت أتوق كما يتوق كل مسلم، إلى أن تتوحد الكلمة، وتلتئم الفرقة، ونتغاضى عن ما مضى، ونغمض العين على القذى، لماًّ للشمل، وابتعادا عن الاختلاف المذموم، وأخذا بقوله تعالى «ولا تفرقوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»، فلم أكن أرتاح إذا سمعت أحدا يلمز الشيعة، أو ينسب إليهم أقوالا تقشعر من سماعها الجلود، وكنت أبادر بدافع من العاطفة الجياشة، والسذاجة الفطرية، للرد والاستنكار، وأردد ما يتردد من أن هذه الأقوال ملفقة، ومدسوسة مختلقة، دسها أعداء الأمة عن إخواننا الشيعة، وهم منها براء.
لكني وبعد زيارة لإيران سنة ١٩٩٦، وزيارة مدنهم المقدسة، وبعد ما رأيت من طقوس العبادة الشيعية، وبعد ما تعرفت على الشيعة عن قرب، هزتني مظاهر الشرك والتعلق بغير الله، وأدركت أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن هؤلاء العوام الملتصقون بشباك القبور من النساء والشيوخ، وراءهم من يضلهم ويفتنهم، وبدأت أعيد النظر في معلوماتي المسبقة، وزادت قناعتي بأن ما يتراكم لدى الإنسان من معلومات يتلقفها من هنا وهناك، لا تعدوا أن تكون سرابات عالقة في الذهن بعيدة عن المنهج العلمي السليم، والمعرفة الصحيحة، وأن ما أعرفه عن الشيعة إنما هو من هذا القبيل.
فبدأت مسيرة البحث التي استمرت عشر سنوات، وكنت أول الأمر أقرأ كتب السنة التي كتبت حول الشيعة، لكني استنكرت ما قرأت، وبادرت لتوجيه التهمة للمغرضين، الذين يحرصون على الفرقة بين المسلمين،