وما أشد ما تأخر هذا الفرج على منتظريه، وطال الوقت على مؤمليه، ولعل مدبري هذا الأمر كانوا على علم بأن لا فائدة من الانتظار، وأن لا فرج قريب، ولا مهدي سيظهر، بل لقد كانوا على علم تام، وإليك سيد الأدلة، أعني اعترافهم بأنهم كانوا على علم بما يفترون:
فقد روى الكافي عن علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: «الشيعة تربى بالأماني منذ مائتي سنة، قال: وقال يقطين-يقطين سني وابنه شيعي- لابنه علي بن يقطين: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن؟ -أي ما كان يبشر به من ظهور دولة بني العباس- قال: فقال له علي: إن الذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد، غير أن أمركم حضر، فأعطيتم محضه، فكان كما قيل لكم، وإن أمرنا لم يحضر، فعللنا بالأماني، فلو قيل لنا: إن هذا الأمر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة، لقست القلوب ولرجع عامة الناس من الإسلام، ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألفاً لقلوب الناس وتقريبا للفرج»(١)، وما زالت الشيعة تربى بتلك الأماني إلى اليوم، أي منذ ثلاثة عشر قرنا.
وهذه حكمة عظيمة من حكم تشريع البداء واهتمام الأئمة به، كما ذكر علامتهم المجلسي، فقد علل هذا الاهتمام البالغ أنه لحكم كثيرة،