فمرة تحرم الجنة على الواقع فيه، ومرة يخبر الله عز وجل بأنه يغفر كل الذنوب إلا الشرك، ومرة يحذر الأنبياء وخيار الخلق لتحبطن أعمالهم وليكونُن من الخاسرين إن وقعوا فيه، ومرات تضرب أبشع الأمثلة لمن أشرك بالله فكأنه خر من السماء فتخطفه الطير، أو تهوي به الريح في مكان سحيق.
فكان الشرك مفتاح النيران، والتوحيد مفتاح الجنان، وكانت النار دار الشرك والمشركين، والجنة دار التوحيد والموحدين.
لكن الشيعة تخالف في هذا المفهوم للشرك، وتصرف شتى أنواع العبادة، كالدعاء والطواف والذبح والنذر والخضوع والتذلل، للأئمة الذين أعطاهم الله هذا الحق، وأعطاهم هذه القدرة في التصرف وإجابة السائلين، وتلبية طلباتهم، وقضاء حوائجهم.
فعقيدة الشيعة التي تثبتها في هذا المقام، أن صرف العبادة للشخص لا يكون شركا إلا إذا قصد بهذه العبادة أن المتوجه إليه إله.
أما إذا لم يقصد أنه إله، فإن هذا لا يعد في نظرهم شركا.
يقول الشيخ جعفر السبحاني من مشايخ حوزة قم:«دعاء الأولياء يقع على وجهين: الأول: دعاء الولي ونداؤه بما أنه عبد صالح تستجاب دعوته عند الله إذا طلب منه تعالى شيئا ... كما أنه ليس دخيلا في مفهوم التوحيد والشرك، ما دام الداعي يؤمن بالله الواحد ويعتبره الرب الخالق والمدبر المستقل دون سواه»(١).
(١) الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - ص ١٠٩ - ١١٠