أن موت الشهداء لم يمنع حياتهم المذكورة في القرآن الكريم، وكذلك جميع الأموات، كما تقدم ذكر ذلك في الكلام على الحياة البرزخية.
ثم بعد السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم على صاحبيه، والاقتصار على السلام هو المأثور عن الصحابة - رضي الله عنهم، وهو الذي يقول به الأئمة، وكان ابن عمر إذا سلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه لايزيد غالبا على قوله: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت. ثم ينصرف.
وقال مالك في المبسوط: لا أرى أن يقف عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو؛ ولكن يسلِّم ويمضي، وكان الصحابة لا يكثرون المجيء إلى القبر للسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لعلمهم بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن اتخاذ قبره عيدا، ولعلمهم أن ما شرع من الصلاة والسلام عليه في الصلاة وعند دخول المسجد والخروج منه وفي كل وقت وسؤال الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود له بعد الأذان تحصل به الفضيلة، ولعلمهم أن الصلاة والسلام عليه يَصِلان إليه من البعيد كما يصلان من القريب؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو داود:«لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم». وكما قال: «إن لله ملائكة