تدري من أمر هذا الإفك والافتراء شيئًَا ثم وصل الهمس إلى أذن رسول الله فعاش فترة من الحيرة والقلق والهم الشديد، يبدو ذلك على محياه الشريف ويظهر في تصرفاته وكانت عائشة تعلل تلك الظواهر في وجهه - صلى الله عليه وسلم - أو انصرافه عنها بسبب انشغاله بأمور الدعوة وشئون المسلمين، وحين استفحل الأمر وقد شعرت - رضي الله عنها - بالمرض يداهما استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تذهب إلى بيت أبيها كي تقوم أمها على خدمتها ورعايتها ولقي طلبها هذا سرعة استجابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما جعلها تحزن وتتوجس لأنه - عليه الصلام والسلام - لم يكن ليطيق فراقها أو ابتعادها عنه ودخلت عائشة منزل والدها الصديق الحزين - رضي الله عنه - الذي ما انفك يدعو الله - تعالى - أن يبرئ ساحة ابنته. وقضت في بيت أبي بكر - رضي الله عنه - قرابة العشرين يومًا حتى شفيت من مرضها.
وفي ليلة خرجت مع امرأة من ألأنصار ممن كن يزرنها لقضاء حاجة بعيدًا في الخلاء وبينما كن في الطريق عثرت المرأة بطرف ثوبها وكادت تسقط أرضًا فقالت: تعس «مسطح» فانتفضت عائشة وقالت بحدة وغضب: بئس لعمر الله ما قلت في رجل من المهاجرين ممن شهدوا بدرًا ... فقالت المرأة: عجبًا وتدافعين عنه أو ما بلغك الخبر يا ابنة أبي بكر؟ فأجابت عائشة مستفسرة بدهشة: وما الخبر؟ فقصت عليها المرأة حديث الإفك وما يشاع عنها وما يروجه دعاة السوء من أقاويل وافتراءات. وكان مسطح بن أثاثة واحدًا من الذين أطلقوا لألسنتهم العنان ينالون به من شرف عائشة