مخالف لقوله تعالى {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} وقوله تعالى {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} وقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا مما يدل على الوحدة في كل، وتقرير ولي الأمر خلاف الإجماع لا يلتفت إليه ولم يأذن الشارع بتعدد الجماعة في حال القتال الذي يعظم فيه الخوف ويشتد الهول وتتخالف فيه السيوف، بل أمر بقسم القوم وصلاتهم بإمام واحد متعاقبين، وألف المانعون في هذه النازلة تآليف عظيمة محتوية على أدلة كثيرة شنعوا فيها على المجيزين غاية التشنيع حتى رجعوا عن أقوالهم انظر الحطاب، وأما الذي فيه الخلاف بين الأئمة فذاك في مسجد له إمام راتب، فأقيمت الصلاة فيه ثم بعد فراغها جاءه جماعة أخرى فأرادوا إقامة تلك الصلاة جماعة فمذهب مالك أن الراتب إذا صلى في وقته المعتاد بدون تقدم عنه ولا تأخر يكره لغيره أن يصلي جماعة أخرى قبله أو بعده ولو أذن له الراتب في ذلك، وإذا جاء الراتب بعده فله أن يصلي جماعة، وأما إذا تقدم الراتب أو تأخر عن وقته وتضرر الناس بانتظاره فيجوز لهم الجمع بعده أو قبله ولا يجمع هو بعدهم، هذا هو مشهور مذهب مالك ومقابله المنع أو الجواز، بل مذهب مالك يحرم حال الصلاة مكث من لا يصلي مع الإمام الراتب في المسجد، بل إما أن يصلي وإما أن يخرج، وأما مذهب أبي حنيفة والشافعي وأشهب من المالكية فجواز الإعادة بعد الراتب بلا كراهة لقوله عليه الصلاة والسلام في رجل دخل المسجد وقد فاتته إحدى صلاتي العشاء معه واستقبل القبلة ليصلي: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه فقام رجل ممن كان صلى مع النبي فصلى معه، وأجاب المالكية بأن هذه واقعة حال محتملة لا تنهض حجة على عدم الكراهة ا. هـ ملخصا من منح الجليل لخاتمة المحققين شيخ مشايخنا الشيخ عليش ومن غيره. وبما حررناه لك تعلم أن ما يشاع عن ألسنة كثير من الشافعية من نسبة جواز التعدد مطلقا حتى فيما تقدم منعه لمذهب الشافعي لا مستند له، وإنما هو على حد ما قيل يقولون أقوالا ولا يعرفونها ... إذا قيل هاتوا حققوا لم يحققوا