ثم انظر ما يصنع في قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}، فإنه تعالى وصف هذا الجنس بأنه طبع على هذه الأوصاف الذميمة، ثم استثنى المصلين الموصوفين بما ذكر "والذين في أموالهم حق للسائل والمحروم" فهل يصح جعل العلوم القائمة بهم بعض من أموالهم التي بأيديهم حتى يعطوا منها للسائل والمحروم ما يسد به خلته ويزيل عيلته، إلا أن يكون في المنام وأضغاث الأحلام أو على رأي من طبع الله قلبه على الشح، فقال: العالم كرمه في بث علومه وأقواله، دون تفريق أمواله، وما يعني المحتاج من دعواته وصلواته إذا لم يصحبها شيء من زكواته. وقالوا يقبل المدحات لكن ... جوائزه عليهن الصلاة فقلت لهم وما تغني عيالي ... صلاتي إنما الشأن الزكاة فيأمر لي بكسر الصاد منها ... فتصبح لي مع الصلة الصلاة وبالجملة فالسائل في الآية عام، ولا صارف له عن عمومه من المخصصات، ولا قرينة مانعة تجعله من العام المراد به الخصوص.