عهد بالإسلام، إما مخافة الغلو والإطراء وعبادة الأموات، وإما مخافة الندب والنياحة الجاهلية عند القبور، فلما تمكن الإسلام في القلوب، رخص لهم في ذلك لأنها تذكر الآخرة، ولما فيها من الدعاء للأموات، ولكن استثنى من هذا الإذن النساء، فقد ورد النهي والوعيد لهن على ذلك، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لعن الله زائرات القبور»؛ فاللعن يقتضي التحريم، وهذا يخصص الإذن في قوله:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» بالرجال؛ حيث إن لعن زائرات القبور ورد في عدة أحاديث عن ابن عباس وأبي هريرة وغيرهما بأسانيد صحيحة.
كما ورد تعليل ذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت» لما رأى بعض النساء خرجن إلى المقابر، فقال:«ارجعن مأزورات غير مأجورات».
وثبت في السنن أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لفاطمة «لعلك بلغت معهم الكدى؟ -أي: طرف المقابر في البقيع -، فقالت: معاذ الله! وقد سمعتك تنهى عنه. فقال: لو بلغت معهم الكدى ما دخلت الجنة، أو ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك»، فإذا كان هذا لفاطمة وهي من أفضل النساء، فكيف بمن بعدها؟!
ولا شك أنه يدخل في عموم القبور قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبرا صاحبيه، فلا يجوز للنساء الوقوف عليهن، ويكفي المرأة إذا دخلت المسجد النبوي أن تصلي مكانها، وأن تصلي وتسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاتها؛ حتى لا