للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لما كان هذا الكم من العلم المتعلق بصحيح البخارى فى ميزان حسنات البخارىِّ نفسه، كان ولا بد من ذكر ترجمة له بين يدى هذا العلم المنسوب له لنقف على بعض جوانب شخصية هذا الإمام الجبل، الذى ملأ الأرض بعلمه وفضله، فوقفت على ساحل ترجمته لألتقط لؤلؤةً من هنا ولؤلؤةً من هناك، وقد تحيرت فى ماذا آخذ وماذا أدع من هذا الكم من الفضائل والمواقف وكلام أهل العلم عنه، فكلها مختارة ...

تكاثرت الظباء على خراش ... فما يدري خراش ما يصيد.

ولكن اكتفى بما يكون عنواناً لترجمته الطويلة العظيمة الموجودة فى بطون الكتب، ولكنها نسمات نتنسمها من ذكره العاطر الفياح، علنا نكون بذلك قد اقتربنا من حُبه عن طريق معرفتنا به، فإن الإنسان عدو ما يجهله، والمرء مع من أحب.

فلتقف أيها القارىء أمام هذه النتف معظماً ومكْبرا، وها قد حان الأوان أن نطرق على الإمام بابه، فلنقف فى أدبٍ بين يديه ......

اسمه:

هو أبو عبد الله البخاري؛ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدٍزْبَه وهي لفظة بخارية، معناها الزَّرّاع. كان جده المغيرة مجوسياً وأسلم، وطلب أبوه إسماعيل العلم، فروى عن حماد بن زيد، والإمام مالك، وصار من كبار المحدثين.

وقال الحافظ فى هدى الساري: " مات إسماعيل ومحمد صغير، فنشأ فى حجر أمه "، وكانت أمه من الصالحات، فقد ذكر الذهبي فى ترجمة البخارى ما نصه (١): " ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل عليه السلام، فقال لها: يا هذه، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو كثرة دعائك - شك البلخي -، فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره "

مولده

ولد الإمام البخارىُّ -رحمه الله - فى بخارى، من بلدان ما وراء النهر، وقد فتحت هذه الديار فى خلافة بنى أمية، وولد يوم الجمعة، بعد صلاة العصر لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال، سنة أربعٍ وتسعين ومئة.

بداية طلبه للعلم:


(١) السير، حـ١٠، ٨٠

<<  <   >  >>