للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فعن محمد بن أبى حاتم قال (١): قلت لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك؟ قال: " ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب. فقلت: كم كان سنك؟ فقال: عشر سنين، أو أقل.

ثم خرجت من الكتاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره.

فقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان، عن أبي الزبير، عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو

عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل.

فدخل فنظر فيه، ثم خرج، فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي، عن إبراهيم، فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، وقال: صدقت.

فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين رددت عليه؟ قال ابن إحدى عشرة سنة.

فلما طعنت في ست عشرة سنة، كنت قد حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت رجع أخي بها! وتخلفت في طلب الحديث" (٢) فلما طعنت في ثمان عشرة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى، وصنفت كتاب " التاريخ " إذ ذاك عند قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليالي المقمرة.

وقل اسم في التاريخ إلا وله قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب "

وكان نبوغه مبكراً:

كان أهل المعرفة من البصريين يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه في بعض الطريق، فيجتمع عليه ألوف، أكثرهم ممن يكتب عنه. وكان شابا لم يخرج وجهه وقال (٣): دخلت على الحميدي وأنا ابن ثمان عشرة سنة، وبينه وبين آخر اختلاف في حديث، فلما بصر بي الحميدي قال: قد جاء من يفصل بيننا، فعرضا عليَّ، فقضيت للحميدي على من يخالفه

وقال أبو بكر الأعين: كتبنا عن البخاري على باب محمد بن يوسف الفريابي، وما في وجهه شعرة فقلنا: ابن كم أنت؟ قال: ابن سبع عشرة سنة.

وعن كتابه:

قال البخارىُّ: أخرجت هذا الكتاب من زهاء ست مئة ألف حديث.


(١) تهذيب الكمال، حـ١٦، ٨٩
(٢) السير، حـ١٠، ٨٠
(٣) السير، ٨٤

<<  <   >  >>