أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه البيعة تحت شجرة، وكان عمر آخذا بيده، ومَعْقِل بن يَسَار آخذا بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه هي بيعة الرضوان التي أنزل الله فيها:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ .... الآية}[الفتح: ١٨]، وعرفت قريش ضيق الموقف فأسرعت إلى بعث سُهَيْل بن عمرو لعقد الصلح، وأكدت له ألا يكون في الصلح إلا أن يرجع عنا عامه هذا، لا تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبداً، ثم تم الصلح ببنوده العشرة، ورجع النبى - صلى الله عليه وسلم - عن البيت ولم يعتمر عامه هذا، حتى كان فتح مكة فى العام التالى ففتحها.
الثانية: الحكمة من إخفاء الشجرة التى تمت البيعة تحتها.
قال ابن حجر (١): " والحكمة من إخفائها أن لا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير، فلو بقيت لما أمن تعظيم بعض الجهال لها، حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها قوة نفع أو ضر.
كما نراه الآن مشاهدا فيما هو دونها، وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله " كانت رحمة من الله " أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى "
الثالثة: العلة فى تكرار أخذ البيعة من سلمة.
قال ابن المنير: الحكمة في تكراره البيعة لسلمة أنه كان مقداما في الحرب فأكد عليه العقد احتياطا.
وقال ابن حجر: أو لأنه كان يقاتل قتال الفارس والراجل فتعددت البيعة بتعدد الصفة.
وقال المهلب فيما ذكره ابن بطال:" أراد أن يؤكد بيعة سلمة لعلمه بشجاعته وعنائه في الإسلام وشهرته بالثبات، فلذلك أمره بتكرير المبايعة ليكون له في ذلك فضيلة " واعترض ابن حجر على هذا الكلام بقوله أنه لم يكن ظهر من سلمة ذلك بعدُ، والصحيح أن يقال أن النبى (- صلى الله عليه وسلم -) تفرس فيه ذلك.