وقال ابن حجر بعد ذلك (١): " ويحتمل أن يكون سلمةُ لما بادر إلى المبايعة ثم قعد قريبا، واستمر الناس يبايعون إلى أن خفوا، أراد - صلى الله عليه وسلم - منه أن يبايع لتتوالى المبايعة معه ولا يقع فيها تخلل، لأن العادة في مبدأ كل أمر أن يكثر من يباشره فيتوالى، فإذا تناهى قد يقع بين من يجيء آخراً تخلل، ولا يلزم من ذلك اختصاص سلمة بما ذكر "
من فوائد الحديث:
١ - قال ابن حجر:" قال ابن المنير: يستفاد من هذا الحديث أن إعادة لفظ العقد في النكاح وغيره ليس فسخاً للعقد الأول خلافا لمن زعم ذلك من الشافعية.
قلت -أى ابن حجر-: الصحيح عندهم أنه لا يكون فسخا كما قال الجمهور.
٢ - وفيه منقبةٌ لصحابة النبىِّ (- صلى الله عليه وسلم -) الذين بايعوا تحت الشجرة (فقد رضى الله عنهم) ومنهم سلمة.
٣ - وفيه متابعة الشيء العظيم المرة بعد الأخرى، لتظل النفسُ متعلقةً به.
٤ - وفيه البيعة لمن ولاه الله أمر المسلمين، دون غيره.
٥ - عدم الإغترار بمعظمٍ فى الدين، لطالما لم يأتى الشرع بالأمر بتعظيمه، وإلا فمن فعل ذلك وقع فى المخالفة، وكما يقال من استحسن فقد شرع، والتشريع حقٌ خالص لله سبحانه. لأجل ذلك أخفيت الشجرة.
(١) الفتح، كتاب الأحكام، حـ١٣، صـ ٢٤٢، باب من بايع مرتين