عن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه" وفصلت في الخلاف على بيانه والجمع بينه وبين سماحه - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو بالكتابة، وأن كلامه - صلى الله عليه وسلم - ما هو إلا وحي يوحي، إذ استمر الصحابة على منع أتباعهم من الكتابة عنهم، فهذا الأمر منه - صلى الله عليه وسلم - وجّه عناية الصحابة رضوان الله عليهم لكتابة القرآن وحده، وأعني بالقرآن: كلام الله من غير رواية أو تطرّق لخبر السماع منه - صلى الله عليه وسلم -، وأعني بوحده: القرآن من غير زيادة بتعليق أو شرح أو حاشية أو سند مهما كان، وتجد أثر هذا الأمر عند مقارنة القرآن بكتب اليهود والنصارى (العهد القديم والعهد الجديد - الكتاب المقدس) فنجد أن العهد القديم (التوراة وتوابعها) مكون من ستة وأربعين سِفراً منها خمسة فقط (التكوين، الخروج، الأحبار، العدد، التثنية) هي التوراة بزعمهم أو كتاب الشريعة المنزل على موسى، والباقي ملحقاتٍ لأنبياء وملوك ومجهولين لا يعرفون عنهم شيئاً، ويزعمون أنها جميعاً كتبت بإلهام من الله، وكذلك العهد الجديد يحتوي على سبعة وعشرين سِفراً (الإنجيل وتوابعه) منها أربع روايات للبشارة والباقي رسائل وأسفار كلها مكتوبة بإلهام من الله على زعمهم. فهي مليئة بالتوابع والملحقات حتى صار أهل العلم عندهم لا يفرقون بين الإضافة والحاشية والتعليق وبين الكلام المنسوب إلى الله، وسآتي على بيان ما في كتابة الحواشي من عظيم الأسباب لتحريف الكتب المقدسة السابقة للقرآن في الفصل القادم إن شاء الله.