للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسب قول الرب (٦) ودفنه في الجواء في أرض موآب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم (٧) وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات. . . (٨) فبكي بنو إسرائيل موسى. . . (٩) ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى ... ) وقال بعدها "فهل الكتاب السماوي المنزل على موسى عليه السلام يكون فيه موته ودفنه والبكاء عليه واندثار قبره إلى هذا اليوم وعدم قيام نبي مثله؟! "

والعجيب أن إضافة الحواشي سواء القديمة أو الجديدة مستمرة وفي تعديل دائم بحسب الطبعات والإتفاقات، مما يعني استمرار التحريف واستمرار الطعن في الكتب السماوية. وفي ذلك يقول الدكتور عبد الرحمن السليمان: "ونظرة واحدة إلى حواشي الطبعات العلمية للكتب المقدسة، تكفي لإثبات واقعة التصحيف إثباتاً لا يقبل الجدل لأنه مثبت في تلك الحواش. أما التحريف فهو وارد من الناحية العلمية البحتة وثابت في أكثر من موطن في الكتاب المقدس. وأنا أقول ذلك من الناحية العلمية البحتة وليس من باب الجدل الديني." (١)

رابعاً: كتابة النصوص بالفهم الفردي للمعنى من غير الالتفات للنظم

كما تجده في العهد القديم والجديد، فكل كاتب لسفر من الأسفار قد كتب بحسب ما فهم من النص الأصلي، أو بما تحصّل في ذهنه من القصص والروايات بلغته الخاصة، فتجد الإختلاف في نفس النسخة من مكان لآخر وتجد الركاكة في النظم واضحة، مما يدل على التحريف. ومن ذلك ما تجده في العهد الجديد (الإنجيل) والمنسوب ليوحنا حواري المسيح عليه السلام، فمن أسلوب الكاتب "لا يظهر من أي موضع في هذا الإنجيل أن كاتبه كتب الحالات التي رآها بعينه أو الحوادث التي وقعت بحضوره، بل تشهد عبارات هذا الإنجيل على أن كاتبه غير يوحنا الحواري؛ فهو يقول في ختام هذا الإنجيل (الإصحاح ٢١ فقرة ٢٤): (هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا ونعلم أن شهادته حق.) فاستعمل الكاتب في حق يوحنا ضمائر الغائب، لكنه قال في حق نفسه (نعلم) على صيغة المتكلم، فثبت أن كاتبه غير يوحنا الحواري قطعاً." (٢) أما في العهد القديم (التوراة بأسفارها الخمسة فقط) فحدّث ولا حرج، والمثال فيها لا يُضرب على أسلوب الكاتب أو ما كتب بفهمه، بل إنك إن قرأتها ستبحث عن موطن لا تعتقد أن فيه إضافة أو تعليقا من كاتبها، "بل جميع عبارات التوراة الحالية تشهد بأن كاتبها غير موسى عليه السلام، وأن هذا الكاتب جمع الروايات والقصص المشتهرة بين اليهود وميّز بين الأقوال، فما كان في زعمه من كلام الله أدرجه تحت قوله: (قال الله)، وما كان في زعمه من كلام موسى أدرجت تحت قوله: (قال موسى)، وعبر الكاتب عن موسى في جميع المواضع بصيغة الغائب، مثل قوله: (وصعد موسى)، (وقال له الرب)، (فمات هناك موسى)، فلو كانت التوراة الحالية من تصنيف موسى عليه السلام، لعبر عن نفسه بصيغة المتكلم ولو في موضع واحد من المواضع؛ لأن التعبير بصيغة المتكلم يقتضي زيادة الاعتبار، وهذا وحده دليل كامل على أن التوراة الحالية ليست من تصنيف موسى عليه السلام." (٣) وكل هذا الطعن ليس لإثبات تحريفها فالتحريف فيها أوضح من الشمس في كبد السماء، بل هو لبيان السبب الأصيل لهذا التحريف وهو كتابة كلام الله بالفهم الفردي، وكل كاتب يكتب بحسب علمه وفهمه وأسلوبه في البيان.


(١) موقع الجمعية الدولية لمترجمي العربية - المنتدى اليوناني اللاتيني
(٢) مختصر كتاب إظهار الحق لرحمت الله الهندي باختصار محمد ملكاوي ص٢٨
(٣) مختصر كتاب إظهار الحق لرحمت الله الهندي باختصار محمد ملكاوي ص٢٢

<<  <   >  >>